هو أبو حيان على بن محمد بن العباس التّوحيدىّ، وقد اختلف فى مسقط رأسه وتاريخ مولده ووفاته، فقيل مسقط رأسه شيراز بفارس، وقيل نيسابور بخراسان، وقيل واسط بجنوبى العراق، وقيل بغداد، وهو القول الراجح فى رأينا، إذ ذكر كثير من مترجميه أن أباه كان يبيع نوعا من التمر ببغداد يعرف باسم التوحيد، وعليه حمل شرّاح المتنبى قوله:
يترشّفن من فمى رشفات ... هنّ فيه أحلى من التوحيد
وكأنه هو وأباه نسبا إلى هذا التمر. وخطأ ما ذهب إليه ابن حجر وغيره ممن ترجموا له من أن نسبته إلى التوحيد تعنى أنه من أهل العدل والتوحيد أى من المعتزلة، إذ القدماء لا ينسبون إليهم هذه النسبة، وإنما يقولون هذا معتزلى وذاك غير معتزلى، وسنرى عما قليل أبا حيان من ألد خصومهم وخصوم المتكلمين عامة، فليس بصحيح أنه منهم ولا أنه منسوب إليهم، إنما هو ابن بائع متجول ببغداد كان يبيع تمر التوحيد. وفى هذا ما يشير بوضوح إلى أنه كان بغداديا ومن أسرة متواضعة. وتاريخ مولده بالدقة غير معروف، إنما يعرف بالتقريب، إذ روى ياقوت رسالة له مؤرخة بشهر رمضان سنة ٤٠٠ ذكر فيها أنه فى عشر التسعين، وإذن فيغلب أن يكون مولده فى العقد الثانى من القرن الرابع بين سنتى ٣١٠ و ٣٢٠. ويقال إنه فى السنة المذكورة كان قد ألقى عصاه فى شيراز وظل بها حتى توفى، ويتأخر بعض مترجميه بوفاته إلى سنة ٤١٤. وليس فى المصادر القديمة نص على جنسيته أو على أصله، واختلف المعاصرون من قائل إنه فارسى، ومن قائل إنه عربى، ويرجح عروبته اعترافه-كما جاء فى ترجمه ياقوت له-بأنه لم يكن يعرف الفارسية، وكرّر ما يشير
(١) انظر فى أبى حيان وترجمته معجم الأدباء ١٥/ ٥ وابن خلكان ٥/ ١١٢ وشد الإزار لمعين الدين الشيرازى ٥٣ والمنتظم ٨/ ١٨٥ والسبكى ٥/ ٢٨٦ وتهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢٢٣ وميزان الاعتدال للذهبى ٢/ ٣٥٥، ٤/ ٥١٨ ولسان الميزان لابن حجر ٦/ ٣٦٩ وروضات الجنات ٧١٤ وكتبت عنه فى العصر الحاضر مؤلفات وبحوث كثيرة لعبد الرزاق محيى الدين وإحسان عباس وزكريا إبراهيم ومحمد كرد على فى الجزء الثامن من مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق وأحمد أمين فى تقديمه لكتاب الهوامل والشوامل وزكى مبارك فى كتابه النثر الفنى وإبراهيم الكيلانى فى مقدمتيه لثلاث رسائل ولكتاب مثالب الوزيرين ومحمد توفيق حسين فى تقديمه لكتاب المقايسات وبروكلمان ٤/ ٣٣٥ ودائرة المعارف الإسلامية.