للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا جفاك الدّهر وهو أبو الورى ... طرّا فلا تعتب على أولاده

فمن جفاه الدهر أو قلب له ظهر المجن ينبغى أن لا ينزل جام غضبه على الناس، لأن ما أصابه إنما هو من أبيهم الدهر وليس منهم، وما كان الابن ليسأل عما قدمته يد أبيه.

والحق أنه كان شاعرا مبدعا. وكان الشعر طوع لسانه ومدّ خيالاته ومشاعره.

جعفر الخطّى (١)

من قبيلة عبد القيس التى نزلت فى الأحساء والقطيف وبواديهما منذ العصر الجاهلى، والخطّى نسبة إلى الخطّ وكان يطلق على مدينة القطيف وعلى ساحل الإقليم كله، ولا يعرف زمن مولده، ويبدو أنه نشأ فى القطيف، وفيها حفظ القرآن وتلقّن على الشيوخ مبادئ الكتابة والقراءة والعربية، وسال ينبوع الشعر على لسانه، واتخذه-مثل لداته- حرفة يتكسب بها منذ أواخر القرن العاشر الهجرى ولم يلبث أن غادر مسقط رأسه إلى جزيرة أوال التى تسمى فى عصرنا باسم البحرين، حاملا مدائحه إلى بعض أمرائها وقضاتها وعلمائها، واستقبلوه استقبالا حسنا، وأسبغوا عليه بعض عطاياهم، وخاصة وزير أمير البحرين ركن الدين محمد بن نور الدين وقاضيها عبد الرءوف البحرانى. ولا توافى سنة ١٠١٢ للهجرة حتى يرحل إلى إيران وينزل شيراز، ويتردد بينها وبين أصفهان، ويلتقى فى الأخيرة ببهاء الدين العاملى صاحب كتاب الكشكول، ويعارض بعض قصائده ويعجب بهاء الدين به وبشعره، وكان يقدمه هناك لبعض ممدوحيه ويجزلون له فى العطاء مما جعله يفضل الإقامة فى إيران حتى وفاته سنة ١٠٢٨ للهجرة. وقد أشاد به وبشعره ابن معصوم فى كتابه «سلافة العصر» قائلا فى نعته: «البديع الأثر والعيان، الحكيم الشعر الساحر البيان، أتى بكل مبتدع مطرب، ومخترع فى حسنه مغرب. وقد وقفت على فرائده التى لمعت، فرأيت مالا عين رأت ولا أذن سمعت». ومن محاسن مراثيه مرثيته فى الشيخ أبى محمد حسين البحرانى سنة إحدى وألف، وفيها يقول:

جذّ الرّدى سبب الإسلام فانجذما ... وهدّ شامخ دين الله فانهدما

نبكى فتى لم يحلّ الضّيم ساحته ... ولا أباح له غير الحمام حمى

ذا منظر يبصر الأعمى برؤيته ... هدى وذا منطق يستنطق البكما


(١) انظر فى ترجمة جعفر الخطى سلافة العصر لابن معصوم ص ٥٣٢ وخلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر للمحبى ١/ ٤٨٣ ونفحة الريحانة ٣/ ٢٠٤ وساحل الذهب الأسود لمحمد سعيد المسلم ص ٢٣٥ وديوانه طبع فى إيران سنة ١٣٧٣ هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>