للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قواها). . الطوفان بالنار والماء، والموتان العارض من عموم الأوباء، وتسلط المخالفين فى المذاهب والآراء. . وليس عندى الخطب فى جميع ذلك يقارب ما يولّده تسلط ملك جاهل تطول مدته، وتتسع قدرته. وبحسب عظم المحنة بمن هذه صفته، والبلوى بمن هذه صورته، تعظم النعمة فى تملك سلطان عالم عادل كالأمير الجليل الذى أحلّه الله من الفضائل بملتقى طرقها، ومجتمع فرقها، وهى نور (١) نوافر ممن لاقت حتى تصير إليه، وشرّد نوازع حيث حلّت حتى تقع عليه، تتلفّت إليه تلفّت الوامق، وتتشوّف نحوه تشوّف الصبّ العاشق».

والفصل طريف فى دلالته على عناية عضد الدولة بالعلم وأهله، وكان دائما يعقد لهم المناظرات بين يديه. والفصل صورة أخرى لعناية ابن العميد بالسجع وتقصيره، وإحداث الموازنات بين السجعات حين تطول، وفى أثناء كل ما قدمنا له تتضح عنايته بمحسنات البديع وسلاسة اللفظ وجمال السبك ووضوح المعنى. وهى كلها جوانب أساسية فى بلاغته وبيانه.

٤ - الصاحب (٢) بن عباد

هو كافى الكفاة إسماعيل بن عباد، من أهل الطّالقان: ولاية بين قزوين وأبهر، ولد عام ٣٢٦ لأبيه عباد بن العباس الطالقانى، وكان يعمل مع ابن العميد فى ديوان ركن الدولة بالرى، وعنى به، فوصله منذ نعومة أظفاره بأحمد بن فارس اللغوى، حتى إذا اتضحت فيه مخايل الأدب ألحقه بابن العميد، فكان يصحبه دائما، مما جعل الناس يطلقون عليه لقب صاحب ابن العميد، وظل هذا اللقب علما عليه، وقيل بل صحب مؤيد الدولة بن ركن الدولة منذ الصبا وسماه الصاحب، فاستمر عليه اللقب واشتهر به.


(١) نور: جمع نوار: شاردة
(٢) انظر فى الصاحب وترجمته وأشعاره ورسائله اليتيمة ٣/ ١٨٨ والمنتظم ٧/ ١٧٩ ومعجم الأدباء ٦/ ١٦٨ وابن خلكان ١/ ٢٢٨ وإنباه الرواة ١/ ٢٠١ وروضات الجنات ١٠٤ ونزهة الألباء ٣٢٥ ومرآة الجنان ٢/ ٤٢١ والشذرات ٤/ ١١٣ ولسان الميزان ١/ ٤١٣ وابن الأثير فى مواضع متفرقة وفى سنة ٣٨٥ وكذلك النجوم الزاهرة ٤/ ١٦٩، ومثالب الوزيرين لأبى حيان، يريد ابن العميد والصاحب وقد بالغ فى الغض منهما كما أشرنا إلى ذلك. ورسائل الصاحب منشورة فى دار الفكر العربى بالقاهرة بتحقيقى وتحقيق الدكتور عبد الوهاب عزام. وجمع أشعاره محمد آل ياسين ونشرها فى النجف باسم ديوان الصاحب وله عنه كتاب، وكذلك للدكتور بدوى طبانة (طبع القاهرة). وانظر المدخل بين يدى الرسائل وكتابنا الفن ومذاهبه فى النثر العربى ص ٢١٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>