للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النورمان-كما مرّ بنا آنفا-يغزون المهدية سنة ٥١٧ ويعيدون الكرة سنة ٥٤٣ بقيادة روجار الثانى ويظلون بها نحو اثنى عشر عاما ويستولون على ساحل إفريقية التونسية الشرقى ومدنه:

قابس وصفاقس والمنستير وسوسة، وينزل روجار فى قصور المهدية الشامخة، ويتخذ فيها دواوين لحكم تلك المدن وإدارتها إلى أن خلصتها دولة الموحدين سنة ٥٥٥ هـ‍/١١٦٠ م. وكل ما حدث من ذلك إنما كان بسبب هجرة الأعراب الكبيرة إلى إفريقية وما نشأ عنها من تفتت قواها فى عهد إماراتها أو دولها الصغرى، فإذا روجار الثانى ملك صقلية يغزوها ولا يجد على أسوارها من كانوا يحمونها ويسحقون أعداءها سحقا.

٥ - دولة (١) الموحدين-الدولة الحفصية

[(أ) دولة الموحدين]

أنشأ هذه الدولة ابن تومرت المصلح الدينى المغربى الذى زار المشرق وتتلمذ فيه على الأشعرية وغيرهم، ورجع إلى المغرب، فنظم فيه ثورة واسعة ضد دولة المرابطين المغربية وفقهائهم المالكية، وتبعه كثيرون، وسمّى جمهورهم باسم الموحدين، وإليهم نسبت الدولة. وبدأ منازلة المرابطين سنة ٥٢٤ هـ‍/١١٢٩ م غير أنه توفى سريعا فخلفه عبد المؤمن بن على وهو يعد المؤسس الحقيقى لتلك الدولة، وقد استطاع القضاء على دولة المرابطين وأخذ يتملك الأندلس منذ سنة ٥٤٠. وذكرنا-آنفا-أن الحسن بن على آخر أمراء الدولة الصنهاجية استنجد به حين استولى منه روجار الثانى على المهدية وساحل إفريقية التونسية الشرقى، وما إن علم بجلية الأمر حتى امتلأ غيظا ولباه بجيش جرار سنة ٥٥٣ هـ‍/١١٥٨ م ومضى يفتح مدن المغرب الأوسط. الجزائر وبجاية وقسنطينة وبعض مدن إفريقية التونسية، وكان بنو خراسان يحكمون تونس ففتحها عنوة سنة ٥٥٤ هـ‍/١١٥٩ م ورافقه فى هذه الرحلة أسطول كبير، وتقدم إلى المهدية وحاصرها بجنوده برا وبأسطوله بحرا، وطال الحصار إلى ستة أشهر، واحتلها عبد المؤمن يوم عاشوراء سنة ٥٥٥ هـ‍/١١٦٠ م وأقطعها الأمير الحسن بن على الصنهاجى وأشرك فى حكمها أحد الموحدين. ونقل عبد المؤمن عاصمة إفريقية التونسية منها إلى مدينة


(١) انظر فى دولة الموحدين البيان المغرب والجزء الرابع من تاريخ ابن خلدون والمن بالامامة لابن صاحب الصلاة والمعجب للمراكشى وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشى وأعمال الأعلام لابن الخطيب والاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى للناصرى وعصر المرابطين والموحدين لمحمد عبد الله عنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>