للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه كان جديرا بأن تعنى كتب الأدب والتراجم. بشعره ونثره، وتحمل إلينا باقات كثيرة من رسائله.

فخر الدين (١) بن مكانس

هو أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس، من سلالة أسرة قيطية، ولد لأبيه سنة ٧٤٥ بالقاهرة. وكان الأب مسلما كما يتضح من اسمه، وكان من الكتاب فى الدواوين، فنشأ ابنه على غراره، وكان ذكيا ذا ملكة خصبة، فسال الشعر مبكرا على لسانه.

وصحب برهان الدين القيراطى وبدر الدين البشتكى الشاعر أحد تلاميذ ابن نباتة، وعنه روى شعره ونثره. وكان حنفى المذهب. واحتل سريعا مكانة أدبية بين أقرانه فى القاهرة ودواوينها السلطانية، ورقى بها إلى منصب ناظر الدولة، وغيره من المناصب الرفيعة. وغضب عليه السلطان برقوق (٧٨٣ - ٨٠١) ذات مرة فأمر بمصادرته وتأديبه على خشبة السّرياق منكّسا على رأسه، فقال:

وما تعلّقت بالسّرياق منتكسا ... لجرمة أوجبت تعذيب ناسوتى (٢)

لكننى مذ نفثت السّحر من أدبى ... علّقت تعليق هاروت وماروت

ويدل البيتان على ظرفه. وعفا عنه السلطان برقوق وأعاده إلى العمل، ثم عينه وزير دمشق، فأقام بها مدة. وفى صحبة السلطان برقوق دخل حلب، وطارح فضلاءها كما طارح فضلاء دمشق. وطلبه السلطان برقوق بعد عودته إلى القاهرة ليلى الوزارة بالديار المصرية، غير أنه توفى قبل دخوله القاهرة، ودفن بها سنة ٧٩٤ قبل أن يكمل سنته الخمسين. وخلف ديوان شعر كبير، وفى دار الكتب المصرية مخطوطتان منه إحداهما بخط ابنه مجد الدين وكان شاعرا بارعا على شاكلة أبيه، وقد أنشدنا بعض شعره البديع فى غير هذا الموضع.

وأشاد بفخر الدين كل من ترجموا له، فيقول ابن حجر فى الدر الكامنة: «كان قوى الذهن حسن الذوق حاد النادرة يتوقد ذكاء» ويقول صاحب النجوم الزاهرة: «كان أديبا فاضلا شاعرا


(١) انظر فى ابن مكانس وترجمته ونثره وشعره الدرر الكامنة ٢/ ٤٣٨ والنجوم الزاهرة ١٢/ ١٣١ وصبح الأعشى ١٤/ ٢٦٧ وخزانة الأدب للحموى ص ١٩، ٢٢٤، ٣١٩، ٣٣٠، ٤١١، ٥٤٧
(٢) لجرمة: لجرم أى لذنب. ناسوتى: جسدى

<<  <  ج: ص:  >  >>