للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرّا فى الساحة، ويقوم أحد الرجال بفتح صندوقه وينطلق إليه الأسد حين يراه، حتى إذا دنا منه أغلق الباب، وكل رجل يصنع نفس الصنيع مثله، حتى يغضب الأسد بل حتى يمتلئ غضبا ويشتد به غضبه وثورته، وحينئذ يدخل ثور إلى الساحة، وتنشب بينه وبين الأسد معركة دامية شديدة العنف، والجمهور يهرّج ويصفق، وإذا قتل الثور الأسد انتهى المشهد المسرحى عند ذلك، وإذا قتل الأسد الثور يخرج إليه الرجال المسلحون من صناديقهم لمبارزته، وهم عادة اثنا عشر رجلا، ومع كل رجل حربة تنتهى بنصل من حديد طوله ذراع ونصف، وإذا بدا تفوّقهم على الأسد واضحا نقص السلطان عددهم، وإذا بدا أن الأسد يتفوق على الرجال عمد السلطان ومن معه إلى تسديد سهام إليه من أعلى شرفاتهم خشية أن يفتك بأحد المصارعين، فيموت. وبذلك تنتهى اللعبة بين تصفيق الجماهير وما يتصل به من هرج ومرج، ويمنح السلطان جائزة لكل مصارع: عشرة دنانير وكسوة جديدة.

(ج‍) الموسيقى (١)

أول زمن للنهضة الموسيقية فى المغرب الأقصى كان زمن الدولة السعدية، إذ لا نلتقى بأخبار عن الموسيقى وأصحابها قبل هذا الزمن فى القرن العاشر الهجرى المقابل للسادس عشر الميلادى، ومن المعروف أنه كان بالأندلس نهضة موسيقية مبكرة، غير أنها ظلت بعيدة عن المغرب الأقصى وظل لا يعرف عنها شيئا إلا حين نزل بعض أهله هناك واستمعوا إليها، وكأنما انتظر المغرب الأقصى حتى اكتسحه الأندلسيون وهاجروا إليه هجرتهم الكبرى بعد سقوط غرناطة بأخرة من القرن التاسع الهجرى واتسعت هذه الهجرة-كما مر بنا-فى عهد فيليب الثالث لأوائل القرن الحادى عشر الهجرى، على أن النهضة الموسيقية أخذت تزدهر منذ عهد السلطان عبد الله الوطاسى المرينى الملقب بالغالب (٩٦٤ - ٩٨١ هـ‍/١٥٥٧ - ١٥٧٤ م) إذ نجد الموسيقيين المغاربة يحافظون على إيقاعات الموسيقى الأندلسية بكل نوبها أو قطعها الموسيقية الكبيرة العشر، وهى رمل الماية-الماية-رصد الذيل-الأصبهان-الرصد-غريبة الحسين-الحجاز الكبير-الحجاز الشرقى-عراق العجم-العشاق. ويتألق حينئذ اسم موسيقار كبير هو الحاج على البطلة من أهل فاس وحاشية السلطان عبد الله الوطاسى، ويقال إنه أضاف إلى النوبات الكبيرة النوبة الحادية عشرة المسماة بالاستهلال، وبذلك أصبحت إحدى عشرة، وتبدأ النوبة بمقدمة موسيقية للجوقة يليها افتتاح على إحدى الآلات لرئيس الجوقة ثم توشية موسيقية للجوقة، ثم تبدأ أنغام ميازين النوبة، ولكل نوبة خمسة ميازين أو أقسام، وهى


(١) انظر كتاب الموسيقى الأندلسية المغربية للأستاذ عبد العزيز بن عبد الجليل (نشر المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بالكويت) وراجع كناش الحائك لمحمد بن الحسين الحائك (طبعة مصورة لورثة الحاج عبد السلام الرقيراق. طنجة ١٩٨١ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>