ويصف نفسه معهم-بالكرم الفياض، ويقول إنه لم يرتق مصعدا إلى ذروة العلياء إلا بجوده وبأسه وقلمه وما يدونه من جيد المنظوم والمنثور. ويقول:
أنا ملك تجمّعت فىّ خمس ... كلّها للأنام محى مميت
هى ذهن وحكمة ومضاء ... وكلام فى وقته وسكوت
وهو يفتخر بذكائه وحكمته وشجاعته، وأنه يصمت حين ينبغى الصمت ولا يتكلم إلا حين يطلب الكلام وحينئذ يكون الكلام نافذا ماضيّا كالسهام المصمية. وروى له ابن بسام مقطوعة ذم فيها ذما شديدا من يتناولون الناس بالسخرية والإزراء عليهم وثلبهم بينما هم فى الدرك الأسفل من الدناءة والغباء، كما روى له مقطوعة ثانية يعجب فيها من رهبته أمام عيون صاحبته وما تسلّه من ألحاظها بينما لا يخشى السيوف فى القتال ولا يرهبها، يقول:
إذا سلّت الألحاظ سيفا خشيته ... وفى الحرب لا أخشى ولا أتوقّع
ولعل فى كل ما قدمت ما يشهد لعبد الملك بن هذيل بأنه كان على حظ غير قليل من الفضل والنبل والشيم الكريمة.
يوسف الثالث (١)
حفيد الغنى بالله، حكم غرناطة من سنة ٨١٠ إلى سنة ٨٢٠ وترتيبه الثالث عشر بين أمرائها بنى الأحمر النصريين، وله ديوان كبير حقّقه الأستاذ عبد الله كنون سنة ١٩٥٨ ويذكر يوسف فى مقدمته التى سقطت من الديوان واحتفظ بها المقرى فى نفحه-كما جاء فى مقدمة محققه-شيوخه الذين ثقف عليهم العربية والشريعة الإسلامية. ونعرف من الديوان اسم زوجته «سلمى» وله فيها غزل كثير قبل اقترانه بها، وهى ابنة عمه وأم أولاده. وتوفيت فى أثناء حكمه فرثاها، ومن قبلها رثى أباه السلطان يوسف الثانى، وله مراث فى بعض إخوته وأبنائه. وفى الديوان إشارات كثيرة إلى منازعات ظلت طويلا بينه وبين أبى سعيد عثمان المرينى صاحب فاس (٨٠٧ - ٨٢٣ هـ) بسبب جبل طارق ومن
(١) انظر فى ترجمة يوسف الثالث وشعره مقدمة الأستاذ عبد الله كنّون لديوانه بتحقيقه (طبع تطوان) ودراسة د. محمد بن شريفة له ولشعره فى تقديمه لديوان ابن فركون شاعره من ص ١٩ إلى ص ٩٤ والتاريخ الأندلسى لحجى ص ٥٤٨ وما بعدها ونهاية الأندلس لمحمد عبد الله عنان.