هو غيلان بن عقبة من بنى عدى بن عبد مناة، لقّب بذى الرمة لقوله فى بعض شعره يصف الوتد:«أشعث باقى رمّة التقليد» والرّمة: القطعة البالية من الحبل، وأضيفت إلى التقليد لأن الوتد يتقلد بها. وقيل: لقّب بذى الرمة لأنه كان-وهو غلام-يتفزّع، فأتت به أمه مقرئ قبيلته، فكتب له معاذة فى جلد غليظ، وعلّقتها أمه على يساره برمّة من حبل فسمّى ذا الرمة.
وقيل إن مية التى شغفت قلبه حبّا هى التى لقّبته بذلك حين ألمّ بخبائها وطلب منها أن تسقيه ماء، وكان على كتفه رمة، فلما أتته بالماء، وكانت لا تعرفه، قالت له:
اشرب يا ذا الرمة. وقد ولد بصحراء الدهناء بالقرب من بادية اليمامة، لأم من بنى أسد تسمى ظبية. وكان له ثلاثة إخوة كلهم شعراء، هم مسعود وأوفى وهشام، وفى بعض الروايات أن أوفى ابن عمه، أما أخوه الثالث فاسمه جرفاس.
وقد ولد حوالى عام ٧٧ للهجرة، وتلقّن الكتابة، وليس بين أيدينا أخبار كثيرة عن نشأته الأولى، ونراه ينظم الشعر فى خلاف نشب بين قبيلته وعتيبة بن طرثوث بسبب بئر كانت لقومه، ومن ثم مضى يمدح المهاجر بن عبد الله والى اليمامة مثنيا على حكومته العادلة فى هذا الخلاف. ومن أخباره المتصلة بقبيلته أيضا أنه نزل مع نفر منها على عشيرة امرئ القيس بن عبد مناة، فلم يكرموهم، فانطلق يهجوهم، وكان ذلك سببا فى اصطدامه بشاعرهم المسمى هشاما المرئى، ولم يستطع هشام أن يثبت له لضعف شاعريته، على الرغم مما أمدّه به جرير من بعض الأشعار.
وتدل أخباره على أنه كان ينزل الكوفة والبصرة-ويطيل النزول فيهما-منذ مطالع القرن الثانى للهجرة مادحا رجالاتهما، وأول ما نستقبله من ذلك مديحه
(١) انظر فى ذى الرمة ابن سلام ص ٤٦٥ وما بعدها والشعر والشعراء ١/ ٥٠٦ وأغانى (ساسى) ١٦/ ١٠٦ وابن خلكان فى غيلان والموشح للمرزبانى ص ١٧٠ والخزانة ١/ ٥٠ ومرآة الجنان اليافعى ١/ ٢٥٣ وفهارس الأغانى والبيان والتبيين والحيوان والكامل للمبرد وأمالى المرتضى، وكتابنا «التطور والتجديد فى الشعر الأموى» ص ٢٦٥ وقد نشر مكارتنى ديوانه فى كمبريدج سنة ١٩١٩