لهلال بين أحوز المازنى فى انتصاراته على المهالبة سنة ١٠٢ وقضائه على من بقى منهم بعد معارك مسلمة بن عبد الملك قضاء مبرما. وقد مدح عبد الملك بن بشر بن مروان نائب مسلمة على البصرة. وتولّى على العراق فى سنة ١٠٣ عمر بن هبيرة الفزارى فاتصل به ومدحه، حتى إذا خلفه خالد الفسرى منذ سنة ١٠٥ رأيناه يمدح نوابه ومن ولاهم الشرطة والأحكام، وعلى رأسهم نائبه أبان بن الوليد البجلى، ومالك بن المنذر بن الجارود صاحب شرطته. وأهم من مدحهم بلال ابن أبى بردة الأشعرى الذى ولى شئون الشرطة لخالد فى البصرة سنة ١٠٩، ثم ولى منذ سنة ١١٠ أمور البصرة كلها: القضاء والصلاة والأحداث، وظل يليها إلى أن توفى الشاعر. وقد امتدت رحلاته فى طلب النوال إلى دمشق وخاصة فى عهد هشام بن عبد الملك، فله فيه غير قصيدة، كما امتدت إلى مكة حيث مدح واليها إبراهيم بن هشام المخزومى، ولما ولى فارس أبان بن الوليد قصده ومدحه.
وقد هجا فى بعض شعره حكيم بن عياش الكلبى الكوفى الذى كان يتعصب لليمن تعصبا مسرفا.
والعناصر الإسلامية واضحة فى شعر ذى الرمة، فهو يمدح بالتقوى ويهجو بالضلال، ودائما يذكر فى رحلاته الصحراوية التيمم والقصر فى الصلاة وتلاوة آى الذكر الحكيم، ويظهر أنه كان كثير الاختلاف إلى مجالس الوعّاظ والمتكلمين فى عصره، حتى لنراه يعتنق مذهب القدرية فى العدل على الله جل جلاله وفى حرية الإرادة، ويناقش رؤبة فى ذلك ويعلو عليه فى نقاشه (١)، ومما صدر فيه عن مذهبه قوله فى الغزل:
وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
وقد تعرض له بعض من سمعوه ينشده، يقول: هلا قلت: فعولين، وكأنه لم يلتفت إلى أنه يتحرز بذلك من القول بخلاف العدل وأن عمل الإنسان وعمل جوارحه بإرادته. ويجمع معاصروه على أن كان ذكيّا ذكاء حادّا وأنه كان كنزا من كنوز الفطنة وذخائرها الدقيقة، كما كان كنزا من كنوز العلم بالشعر القديم واللغة، وقد شغف بشعر الراعى، حتى قالوا إنه كان راويته