مما يميز القطر التونسى كثرة الأمتعة والسلع والثمار والفواكه فيه، مما أتاح له-وخاصة فى مدنه الشمالية حياة رافهة، ويصور ابن أبى دينار ما كان فيه أهل مدينة تونس من رفاهية فى حياتهم بأن أغلبهم كانت لهم جنات وبساتين خارج المدينة، يقضون فيها الصيف والخريف مع أسرهم، فكانوا يبكرون فى الذهاب إلى المدينة كل يوم حيث يزاولون أعمالهم ويعودون فى المساء إلى بساتينهم وجناتهم ومن أجل ذلك كانت الدكاكين فى أسواق تونس لا تفتح صيفا وخريفا إلا بعد طلوع الشمس.
ويقول الحسن الوزان إن الخبز ظريف جدا فى تونس، وهو أبيض اللون ومخبوز بشكل حسن، ولا يصنع من الدقيق فحسب بل يمزج معه السميد، وتبذل عناية كبيرة فى إعداد عجينه إذ يضرب بمدقة شبيهة بتلك التى يضرب بها الأرز فى مصر. ويذكر الحسن الوزان عقب ذلك وجبتين شعبيتين أولاهما تسمى البسيس، وهى وجبة خفيفة مؤلفة من دقيق الشعير المحلول بالماء ويوضع فيه قليل من الزيت أو شئ من عصير الليمون أو البرتقال، ومن عادة الباعة والصناع وسكان المدينة تناول هذه الوجبة فى النهار، والوجبة الثانية تسمى البازين، وهى أفضل من سابقتها، وتصنع من عجينة تقلى فى الماء، وبعد أن تنضج ترصّ فى وسط وعاء وتسقى بالزيت أو بمرق اللحم. ويقول الحسن الوزان: هناك وجبات أخرى أكثر لذة فى الطعم، ومن مطاعمهم لحم يسمى المروزية نسبة إلى مدينة إيرانية تسمى مرو الروز واللحم فيها يطبخ بأبزار تفوح، ويعدون أكلها عقب الإفطار فى الصوم من التطيب. ومن طعامهم الزرير ويسمى فى بعض البلدان باسم المويس وهو خليط من الأبزار والبهارات حار الطبيعة. ويصاد السمك على طول الساحل التونسى، وهو رخيص الثمن، ويصطادون منه أنواعا كثيرة منها نوع يسمى سبارس يصاد فى صفاقس، وقد تكون الكثرة من سكان البلدة صيادين. ويشتهر سكان مدينة المهدية بصيد الحوت، ولأهلها شغف بأكله وتفنن فى طرق صيده. وكما تتنوع مطاعم سكان القطر
(١) انظر فى الرفه والمطعم والملبس الحديث عن مدينة تونس فى كتاب وصف إفريقيا للحسن الوزان وراجعه فى صفاقس، وكذلك كتاب ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية للأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب وبرنشفيك ٢/ ٢٨١ وما بعدها.