للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرأ الطلاب نصا بعينه مع شيخهم. وقد يقرئهم ويعلمهم أشتاتا، وهو الغالب، فالطالب يختار مادة قراءته حسب حاجته من فقه أو نحو أو بلاغة، وترى الشيخ مثلا يدرس لعشرة من الطلاب ألفية ابن مالك وطالب يقرأ من أولها وثان من وسطها وثالث من أواخرها ويشرح لكل طالب ما يقرؤه، وهكذا فى الفقه وغيره من العلوم. ومثلا ثانيا إذ يستمع الطلاب إلى شيخ يشرح نصا فى مختصر خليل فى الفقه، إذا هو ينتقل إلى باب من ألفية ابن مالك، ثم إلى درس فى علم التوحيد أو فى علم المنطق أو فى العروض، وقد ينتقل من ذلك إلى شرح بعض أشعار الجاهليين أو الإسلاميين. وتعجب إذ ترى هذا الشيخ العالم يسوق فى الصباح بقرة إلى موضع للرعى، والقدوم على عاتقه يقطع به أعوادا من الشجر ليبنى بها بئرا، ويذهب إليه ليرى المكلفين بالعمل فيه، ويعود-بعد ذلك-ليدرس لتلاميذه طوال النهار، حتى إذا انتهى من صلاة العشاء ونام الناس أخذ يعنى بتصنيف كتاب له أو بالقراءة فى بعض الأمهات والأصول من الكتب.

[(ج‍) أمهات الكتب والمتون والشروح المتداولة]

على سنة البلاد العربية جميعا حازت موريتانيا لنفسها كثيرا من أمهات الكتب ومتونها المشهورة وشروحها، واعتمدوا فى كثير منها على أعمال الأندلسيين والمغاربة وبالمثل أعمال المصريين إذ كان بعض شبابها يتلقى العلم عن أساتذته فى البلاد المغربية والمصرية، وطبيعى أن يكثر الواردون منهم على علماء فاس وغيرها من البلاد المغربية. وكان منتشرا فى مكتبات البلدان والقبائل فى القراءات كتاب التيسير فى القراءات السبع لأبى عمرو عثمان بن سعيد الدانى وقصيدة «حرز الأمانى فى القراءات» للشاطبى الضرير القاسم بن فيرّة وهى ألف ومائة وسبعة وثلاثون بيتا، ويقول ابن خلدون: «استوعب الشاطبى ما دوّنه الدانى فى القراءات بقصيدته، وعنى الناس بحفظها وتلقينها للولدان المتعلمين، وجرى العمل على ذلك فى أمصار المغرب والأندلس».

وكانوا يعتمدون فى التفسير كما يقول الدكتور محمد المختار-على كتاب التفسير الكبير لابن عطية الأندلسى قاضى المرية، وهو من أهم الكتب فى التفسير وسماه الوجيز فى التفسير تواضعا وهو فى مجلدات ضخمة، ويقول ابن خلدون إنه لخّص فيه التفاسير المأثورة كلها وتحرّى الأقرب منها إلى الصحة. وتداول تفسيره بعده أهل المغرب والأندلس. واعتمدوا أيضا على تفسير القرطبى المسمى «جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآى القرآن» وهو فى عشرين مجلدا سار فيه على نهج ابن عطية السنى.

وكانوا يتداولون فى الحديث النبوى كتب الصحاح الستة للبخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة وأبى داود والنسائى، ويقول الدكتور محمد المختار إن أهم محدث كانوا يعنون بكتبه

<<  <  ج: ص:  >  >>