للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى مثل عيد الشعانين الذى يسبق عيد الفصح بأسبوع. ويمدحه ابن رازكه فى القصيدة الثانية بمثل قوله:

هو الوارث الفضل النّبىّ خالصا ... من العلم والعليا ومن طيب محتد (١)

ثمال اليتامى والأيامى موكّل ... بتفريج غمّاء الشّجى المتنكّد (٢)

أغرّ المحيّا طاهر البشر طاهر ال‍ ... سّجا يا كريم اليوم والأمس والغد

حميد المساعى سار فى الرّتب العلا ... من المجد سير السابق المتفرّد

حوى شرف العلم الرفيع عماده ... إلى شرف البيت الكريم المصمّد (٣)

ويقول لمحمد بن إسماعيل فى وصف تلك القصيدة:

عروب عروس الزىّ أندلسيّة ... من الأدب الغضّ الذى روضه ندى

وهو يمدحه بأنه علوى ورث الفضل النبوى من العلم والعلياء وشرف الأصل والنسب، ويقول إنه غوث اليتامى والأيامى من النساء غير المتزوجات، مفرج غمّ الحزين المملوء نكدا وهمّا، أغر المحيا أى سمح الوجه مستبشر دائما طاهر الأخلاق والطباع كريم كرما متصلا فى أمسه ويومه وغده، كل مساعيه تجلب له الحمد والثناء، وإنه ليسير فى منازل المجد سير السابق المتفرد، وقد تحلّى بشرف العلم الرفيع مع شرف بيت النبوة الكريم وإنه ليقصده الناس لتحقيق حوائجهم وأمانيهم. ويذكر ابن رازكه فى أواخر قصيدته أنها عروس عربية جميلة من الشعر الناضر، ويقول إنها أندلسية كشعر الأندلسيين المشهور بالروعة. ونشعر عند شعراء موريتانيا بهذه الصلة الوثيقة التى تربطهم بالأندلسيين لقربهم من الأندلس فردوس العرب المفقود الذى أبلى فيه أجدادهم من الصنهاجيين بلاء عظيما أيام المرابطين. ونكتفى بما أسلفنا من مديح بديع لابن رازكه، فقد اتضح لنا صوته وجمال شعره وما يتصف به من جزالة ونصاعة، وسنعود إليه فى حديثنا عن الرثاء. توفى سنة ١١٤٤ هـ‍/١٧٣٢ م.

محمد (٤) اليدالى الديمانى

من قبيلة ديمان إمام فى علوم الشريعة إذ له فيها تفسير قيم للقرآن الكريم سماه-كما أسلفنا- «الذهب الإبريز على كتاب الله العزيز» وهو فى مجلدين وله مصنفات أخرى فى سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم وآداب السلوك وتاريخ الزوايا المشغوف أهلها بالعلم وتعمير الأرض، وله كتاب فى مناقب وليهم: ناصر الدين صاحب الفتوحات فى السنغال. وهو إلى ذلك كان شاعرا فذا من شعراء موريتانيا، وكان صديقا للقاضى ابن رازكه، وفيه يقول:


(١) محتد: أصل.
(٢) ثمال: غوث. الأيامى هنا: النساء غير المتزوجات.
(٣) المصمد: المقصود لقضاء الحوائج.
(٤) انظر فى ترجمة اليدالى وشعره كتاب الوسيط ص ٢٢٣ والشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٤٩، ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>