للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

خصائص الشعر الجاهلى

[١ - نشأة الشعر الجاهلى وتفاوته فى القبائل]

لا ريب فى أن المراحل التى قطعها الشعر العربى حتى استوى فى صورته الجاهلية غامضة، فليس بين أيدينا أشعار تصور أطواره الأولى، إنما بين أيدينا هذه الصورة التامة لقصائده بتقاليدها الفنية المعقدة فى الوزن والقافية وفى المعانى والموضوعات وفى الأساليب والصياغات المحكمة، وهى تقاليد تلقى ستارا صفيقا بيننا وبين طفولة هذا الشعر ونشأته الأولى فلا نكاد نعرف من ذلك شيئا. وحاول ابن سلام أن يرفع جانبا من هذا الستار فعقد فصلا (١) تحدث فيه عن أوائل الشعراء الجاهليين، وتأثر به ابن قتيبة فى مقدمة كتابه الشعر والشعراء، فعرض هو الآخر لهؤلاء الأوائل، وهم عندهما جميعا أوائل الحقبة الجاهلية المكتملة الخلق والبناء فى صياغة القصيدة العربية، وكأن الأوائل الذين أنشأوا هذه القصيدة فى الزمن الأقدم ونهجوا لها سننها طواهم الزمان. وفى ديوان امرئ القيس (٢).

عوجا على الطّلل المحيل لأننا ... نبكى الديار كما بكى ابن خذام

ولا نعرف من أمر ابن خذام هذا شيئا سوى تلك الإشارة التى قد تدل على أنه أول من بكى الديار ووقف فى الأطلال.

وتتراءى لنا مطولات الشعر الجاهلى فى نظام معين من المعانى والموضوعات، إذ نرى أصحابها يفتتحونها غالبا بوصف الأطلال وبكاء آثار الديار، ثم يصفون رحلاتهم فى الصحراء وما يركبونه من إبل وخيل، وكثيرا ما يشبهون الناقة فى


(١) طبقات فحول الشعراء لابن سلام (طبع دار المعارف) ص ٢٣ وما بعدها.
(٢) ديوان امرئ القيس (طبع دار المعارف) ص ١٢٤ وعوجا: اعطفا. المحيل: الذى أتى عليه أحوال. لأننا هنا: لعلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>