للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملوك الحيرة ووفوده على إيران وتعرفه بملوكها وفى مقدمتهم كسرى وما كان من طلبهم منه العون فى منازلة بطل إغريقى.

ويصبح عنترة حاكما للشام ويفد على القسطنطينية ويقود مع إمبراطورها حروبا ضد الفرنجة ويبلغ إسبانيا ويخترق شمال إفريقيا إلى مصر ويستعين به ملك روما ضد بوهمند ويقتله، وهو أحد أمراء الحروب الصليبية الأولى وكان نورمانديّا إيطاليا، وكأن المؤلف الأخير للسيرة كان يعرف أصله وموطنه. ومعروف أن الحملة المذكورة نزلت آسية الصغرى سنة ٤٩٠ للهجرة ولذلك نقول إن ميادين السيرة وساحاتها البطولية تمتد حتى نهاية القرن الخامس الهجرى، وليس بوهمند فقط الوحيد من أمراء الحملة الصليبية الذى يلقانا فى السيرة، إذ يلقانا فيها أيضا زواج عنترة من أميرة إفرنجية وإنجابه منها الجوفران وربما كان تحريفا لجود فرى صاحب بويون دوق اللورين الأدنى الذى استولى على بيت المقدس سنة ٤٩٢ ولم يلبث أن توفى وخلفه أخوه بلدوين. وبطولات عنترة فى السيرة تتسع لا لتشمل ميادين الحروب الصليبية والبلاد الأوربية فحسب، بل أيضا لتشمل الهند والسودان وبلاد النجاشى، وعرف عنترة أنه جد أمه زبيبة. وكل من يقرأ السيرة يرى أن أجيال المؤلفين التى تداولتها كانت أجيالا بصيرة بتاريخ العرب فى الجاهلية وما اتصل بها من قصة إبراهيم الخليل وتاريخ العرب فى الإسلام وفتوحاتهم العظيمة وتاريخ الفرس وملوكهم وبلاطهم وآدابهم وتاريخ الحروب الصليبية وطقوس النصارى وشعائرهم وأعيادهم. والسيرة ملحمة رائعة للبطولة العربية التى مثّلها عنترة أروع تمثيل فى أكثر من خمسمائة عام ومثّل معها فضائلها النبيلة التى نقلها الصليبيون إلى ديارهم. وقد تخللت السيرة أحلام وروّى وأساطير وخوارق عجيبة.

السيرة (١) الهلالية

قوام هذه السيرة حروب مستمرة بين بنى هلال ومن دخل معهم من قبائل زغبة وسليم ورياح وعدى وربيعة والأثبج إلى إقليمى طرابلس وتونس وشمالى إفريقيا ومن كان بهذه الاقاليم من الصنهاجيين وزناتة وغيرهم من القبائل المغربية المستوطنة. وكانت القبائل العربية المذكورة قد


(١) انظر فى السيرة الهلالية الجزء الرابع من تاريخ ابن خلدون (طبع بولاق) ص ٦٢ وكذلك الجزء السابع ص ٤٣ وأواخر مقدمة ابن خلدون حيث روى بها أشعارا للهلالية والزناتية، وراجع دائرة المعارف الإسلامية وكتابا فى السيرة الهلالية لعبد الحميد يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>