للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرن الثالث عشر الهجرى، وله موشحات نبوية بديعة، ومنهم أحمد بن سحنون شاعر الباي محمد الكبير صاحب الفتح الثانى لوهران بعد أن استردّها الإسبان سنة ١٢٠٥ هـ‍/١٧٩٠ م وتغنى بهذا الفتح النهائى لوهران كثير من الشعراء الجزائريين وسجل أشعارهم ابن سحنون فى كتابه «الثغر الجمانى».

٣ -

شعراء المديح

يعدّ المديح أهم موضوع استغرق صفحات الشعر العربى على مر العصور، وقد نشأ أول ما نشأ عند العرب حول التغنى ببطولات فرسانهم وشجعانهم فى الحروب ومكارم سادتهم وخصالهم الحميدة فى السلم والحرب، وظل لكل عصر أبطاله وسادته وأمراؤه وحكامه، وتفنن الشعراء فى وصف البطولات الحربية والخصال الكريمة وحكم الخلفاء والحكام العادل الرشيد على مدى العصور الإسلامية المتعاقبة. وطبيعى أن يكون للجزائر حظ فى هذا الوصف منذ تكونت فى تاهرت الدولة الرستمية الإباضية، وكان من أمرائها من يجرى الشعر على ألسنتهم مثل أفلح بن عبد الوهاب (٢١١ - ٢٤٠ هـ‍) وله قصيدة-كما مرّ بنا-فى العلم والتعليم والترغيب فيهما، وهى رمز لعناية تلك الدولة بالحركتين العلمية والأدبية فى تاهرت، ويلقانا من مبكرى شعرائها أحمد بن فتح التاهرتى وابن حزاز، وأهم شعرائها-حينئذ- بكر بن حماد، وتصبح تاهرت-ومثلها الجزائر جميعها-تابعة للدولة العبيدية فى المهدية، ويأمر المهدى العبيدى قائده على بن حمدون الزناتى بتأسيس مدينة المسيلة (المحمدية) واتخاذها عاصمة لإقليم الزاب فى الجزائر بدلا من طبنة سنة ٣١٣ هـ‍/٩٢٥ م. وكان قد نشأ تنافس بين عبد الرحمن الناصر الخليفة الأموى فى الأندلس وبين المهدى العبيدى وخلفائه العبيديين فى البلدان المغربية. ونرى أسرة طبنية تهاجر من موطنها إلى قرطبة سنة ٣٣١ بزعامة مؤسسها بالأندلس محمد بن الحسين الطبنى ويرحّب عبد الرحمن الناصر به وبمن قدم معه من أهله، ويصبح من شعرائه وبطانته، ويكثر من مديحه، حتى ليقول ابن حيان إن مدائحه فيه تملأ ديوانا كاملا، ويقرّبه بعده ابنه الحكم المستنصر (٣٥٠ - ٣٦٥ هـ‍) حين استولى على صولجان الخلافة بعد أبيه، وكان كلما قدم على المستنصر عيد مدحه بقصيدة طويلة، ونراه فى عيد الفطر لسنة ٣٦١ ينشده قصيدة جيمية مهيئا الناس لما كان يريده المستنصر من تولية ابنه هشام -وكان لا يزال طفلا-ولاية العهد قائلا له (١):


(١) نظر المقتبس لابن حيان (تحقيق د. عبد الرحمن الحجى) ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>