شئون الإدارة مما جعلهم يلتفّون حوله، وظهر ذلك سريعا حين تولى الخلافة على بن أبى طالب، وعزله، . فإنه سرعان ما طالب بدم عثمان وناصره بدو الشام.
وتطورت الظروف سريعا إلى أن نشبت حرب صفّين بين معاوية وبين على بن أبى طالب كما هو معروف، حتى إذا أيقن معاوية بالهزيمة أمر جنده-استجابة لمشورة عمرو بن العاص-أن يرفعوا المصاحف على أسنة رماحهم داعين إلى الاحتكام إلى كتاب الله. ورضى على وأقيم حكمان للفصل بين الطرفين: أما جند على العراقيون، فاختاروا أبا موسى الأشعرى، واختار معاوية وجند الشام عمرو بن العاص، ويروى الجاحظ أن معاوية قال له:«يا عمرو إن أهل العراق قد أكرهوا عليا على أبى موسى، وأنا وأهل الشام راضون بك، وقد ضمّ إليك رجل طويل اللسان قصير الرأى فأجد الحزّ وطبّق المفصل، ولا تلقه برأيك كله». وصدق حدس معاوية فقد استطاع عمرو أن يقنع أبا موسى بعزل على عن الخلافة لوقف الحرب وحقن دماء المسلمين. وأعلن الحكم، وانقسم جيش على: فرقة معه وفرقة سمّت أنفسها الخوارج، وهو أول ظهورهم فى التاريخ الإسلامى وحاربهم ونكّل بهم، ولم يلبث أن اغتاله خارجى أثيم. وبذلك خلا الجو لمعاوية وخاصة حين أعلن الحسن بن على تنازله عن الخلافة له. وقد بايعه جنده وأمراؤه بالخلافة فى بيت المقدس واتخذ دمشق حاضرة لخلافته.
[(ب) زمن الدولة الأموية]
أسس معاوية فى الشام الدولة الأموية وتوزعها فرعان: فرع سفيانى نسبة إلى أبى سفيان، معاوية على رأسه وابنه يزيد، وفرع مروانى من البيت الأموى نسبة إلى مروان بن الحكم ومن خلفه من أبنائه وأحفاده. وكان معاوية بعيد النظر سيوسا حازما، وكان له بصر بالشخصيات من حوله، فاستعان بطائفة من صفوة الحكام فى مقدمتهم عمرو بن العاص فى مصر، والمغيرة بن شعبة الذى ولاه الكوفة، وزياد بن أبيه الذى اختاره للبصرة وإيران حتى إذا توفى المغيرة ضم إليه الكوفة وقد استطاع زياد أن يقضى على معارضة على فى شرقىّ الدولة وأن ينشر فى ربوعه الأمن.
ووجه معاوية حملات مختلفة إلى بيزنطة واستطاع حصار القسطنطينية مرتين ووجه حملة بحرية إلى قبرس، وكانت دمشق قاعدة الخلافة فى زمنه وكان يستعين بأهل الشام فى شئون الحكم وعمها الرخاء. وشمل المسيحيين بتسامح واسع واتخذ لنفسه مستشارا ماليا منهم هو سرجيوس، إذ وكل إليه فيما يقال الشئون المالية. ويبدو أنه كان حاكما لدمشق قبل فتحها. على كل حال استعان به