للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية شبها تامّا، من مثل: «كن لهو خلفتن وقسد» أى كان له خليفة وقاسد، وكلمة قاسد معناها قائد فى اللغة الجنوبية.

فنحن لا نصل إلى العصر الجاهلى الذى نتحدث عنه حتى نجد الفصحى قد تكاملت وتكامل معها خطها، وأخذت تغزو العربية الجنوبية، وتنتصر عليها انتصارات تختلف قربا وبعدا، فهى فى الجهات القريبة منها تكتسحها اكتساحا، وهى فى الجهات البعيدة تؤثر تأثيرا يختلف قوة وضعفا. على أنه ينبغى أن نعترف بأن اليمينيين كانوا فى نقوشهم يحافظون على لغتهم القديمة المرتبطة بدينهم وآلهتهم، اما فى حياتهم اليومية وخاصة فى أطرافهم الشمالية فإنهم كانوا يتحدثون بعربيتنا الفصحى.

٤ - لهجات جاهلية (١)

على الرغم من شيوع لغة أدبية عامة فى العصر الجاهلى كانت هناك لهجات كثيرة تميزت بها بعض القبائل، وظلت آثارها واضحة على ألسنتها إلى القرن الثانى للهجرة، فسجّلها اللغويون، غير أنهم لم يعنوا غالبا بنسبة هذه اللهجات إلى أصحابها فقد كانت تهمهم الصحة اللغوية من حيث هى، وكأنهم يريدون التنبيه على ما يخالف اللغة الأدبية العامة التى نزل بلسانها القرآن الكريم. ونحن لا ننكر أنهم نصوا أحيانا على القبيلة التى تنطق اللهجة الشاذة، ولكنهم لم يعمّموا ذلك فيما حملوه إلينا بحيث أصبحنا أمام ركام واسع من لهجات لا نستطيع تعيين القبيلة أو القبائل التى كانت تنطق بها إلا فى الندرة والحين بعد الحين، فمن ذلك الكشكشة والكسكسة، وهما تخصان ضمير المخاطبة، إذ كان بعض تميم وأسد، وقيل أيضا بعض بنى ربيعة يلحقون بكاف المخاطبة شينا فى الوقف، وفى الوصل أحيانا، فيقولون: رأيتكش وعليكش وبكش وكانت بعض قبائل ربيعة تلحق السين بدل


(١) انظر فى هذه اللهجات كتاب المزهر للسيوطى فى مواضع متفرقة وكتاب الصاحبى فى فقه اللغة لأحمد بن فارس ومعالم البيان مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة، المجلد العاشر، العدد الأول وكتاب Ancient West-Arabian لرابين.

<<  <  ج: ص:  >  >>