للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

شعراء السياسة والمديح والهجاء

[١ - شعراء الدعوة العباسية]

رأينا فى الجزء الثانى من هذه السلسلة كيف كانت أحزاب الشيعة والخوارج والزبيريين والأمويين تصطرع ويجاهد بعضها بعضا، وكيف استقرت على أصول ثابتة فى نظرية الخلافة، فحزب الشيعة كان يرى أن تكون الخلافة فى أبناء على من بنى هاشم، لأنهم أبناء عم الرسول صلى الله عليه وسلم وجمهورهم من حفدته وقد أوصى لأبيهم-فيما يذكرون-بالخلافة، وكان حزب الخوارج يرى أن تردّ الخلافة إلى الأمة لتولّى عليها الخليفة التقى الصالح من أعلامها، وكان حزب الزبيريين يرى أن تردّ الخلافة إلى أبناء الصحابة الأولين من المهاجرين وأن تعود إلى الحجاز، حتى يسندها الحجازيون من أهل مكة والمدينة لا عرب القبائل اليمنية الشامية التى تؤازر الأمويين. بينما كان الأمويون يدعون لأنفسهم بأنهم الأكفاء لتلك الخلافة، ووصلوها بنظام الحكم الأجنبى المتوارث عند القياصرة والأكاسرة.

ومضت هذه الأحزاب الأربعة تختصم ويجاهد بعضها بعضا، وكان أقصرها عمرا حزب الزبيريين فإنه لم يكد يتجاوز بضع سنوات لا تزيد على ثمان، أما حزب الشيعة فقد ظفر بحظ من الحكم فى الكوفة لعهد المختار الثقفى الذى كان يدعو لمحمد بن الحنفية من أبناء على والذى أسس نظرية الكيسانية إحدى نظريات المذهب الشيعى، على أن هذه الحركة سرعان ما خمدت، غير أن التشيع ظل ملتهبا سرّا، وتكوّن مذهب الزيدية، وقضى على صاحبه، ولكن جمرات اللهب ظلت متقدة.

وامتشق الخوارج الحسام فى غير ميدان ونازلوا الأمويين ودوّخوهم، ولكنهم استطاعوا أن يقضوا عليهم أو كادوا. ووراء كل هذه الأحزاب كان هناك شعراء كثيرون ينافحون عن سياسة أحزابهم ويظاهرونها على أعدائها ويناضلون نضالا عنيفا،

<<  <  ج: ص:  >  >>