للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد (١) الباقى الإسحاقى المتوفى

من شعراء القرن الحادى عشر الهجرى أيام العثمانيين، ولد بمنوف وبها نشأ، وتلقى العلم على شيوخها، ثم نزل القاهرة وأكبّ على حلقات علمائها ينهل منها، حتى أصبح من علمائها، وعنى بالتاريخ، وكان شاعرا بارعا، ويصفه المحبى بأنه تجاوز فى الرقة الحد وأنه يمتاز بحلاوة معانيه وعذوبة مبانيه، ومازال ينظم الشعر حتى توفى بمسقط رأسه سنة ألف ونيف وستين، وقد أنشد له طائفة من أشعاره، استلهلّها بخمرية ممزوجة بالغزل على هذا النمط.

تمشّت لنا تخجل الكوكبا ... فناديتها مرحبا مزحبا

أدارت بحضرتنا قهوة ... وطافت بكأس الطّلا مذهبا (٢)

رنت ورمتنى بألحاظها ... وقد أذكرتنى عهد الصّبا

وغنّت لنا فطربنا لها ... ويا حسن ذاك الذى أطربا

وهو يتغزل بساقية مغنية أسرت لبّه، وقد دارت عليه بكئوس الخمر، وهو ينتشى بها وبجمال المغنية كما يقول، مصّرحا بذلك مجاهرا فى غير مداراة. وفى قصيدة ثانية يذكر مجلسا للهو والغناء نعم به بين مشاهد الطبيعة فى عفاف لا يدانيه عفاف. ومن قوله فى خمرية راقصة:

رقص المجلس أنسا ... فاجعل الجرّة كأسا

واسقنى بالزّقّ والطّا ... س فإنى طبت نفسا

وأقم للهو واللّ‍ ... ذّات فى حانى عرسا

كيف لا وهى ترينى ... فى دجا الظلماء شمسا

وتقيم الميت حيّا ... بعد ما جاور رمسا

وهو لغرامه بالخمر وشغفه بها يريد أن يحتسبها جرارا وزقا وطاسا لا كأسا فحسب، وتصوّر نفسه كأنما يعيش فى حان يخالها فيه شمسا، ترد إلى الموتى الحياة، تعبيرا بذلك عن شدة تعلقه بها، ويقول:


(١) انظر فى عبد الباقى الإسحاق وترجمته نفحة الريحانة للمحبى ٤/ ٥٨٩ وكذلك كتابه: خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر ٢/ ٢٨٩
(٢) الطّلا: الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>