للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله موشحة جعل الشطور الثانية من نونية ابن زيدون المشهورة مضمنة فى مطلعها وأقفالها كقوله فى المطلع:

غدا منادينا محكّما فينا ... يقضى علينا الأسى لولا تأسّينا

ويسرى التكلف إلى الموشحات بعد ابن الوكيل والعزازى، غير أنها تظل حية وناشطة حتى أيام العثمانيين على نحو ما يلاحظ فى كتب التراجم عند الشهاب الخفاجى وغيره، وتلقانا عند المحبى موشحة بديعة لزين العابدين البكرى المتوفى سنة ١١٠٧ للهجرة عارض بها موشحة لابن سناء الملك، ومن قوله فيها (١):

اعجبوا من حسن تلوين العيون ... تلكم حانه وهاتيكم كنانه

بأبى مرّ الجفا بالدّرّ حالى ... قدره قد حطّ من قدر العوالى

مطلبى من ثغره كنز اللآلى

والموشح يسيل عذوبة، وأنشد الجبرتى لقاسم بن عطاء الله المتوفى سنة ١٢٠٤ موشحا (٢) عارض به موشحا مشهورا للسان الدين بن الخطيب.

[(د) البديعيات]

إذا تركنا الموشحات إلى البديعيات وجدناها قديمة فى الشعر المصرى، على الأقل منذ زار مصر أبو نواس وأبو تمام، واستمع شعراؤها إلى ما فى أشعارهما من طرائف البديع ومحسناته، ولم يكن الشعراء المصريون يكثرون من استخدام تلك المحسنات والطرائف، إذ كانوا يستخدمونها من حين إلى حين دون إفراط، وظل ذلك دأبهم فى الحقب الأولى من زمن الدولة الفاطمية على نحو ما يلاحظ فى شعر ابن وكيع التنيسى المتوفى سنة ٣٩٢. وإذا مضينا إلى القرن الخامس لقينا أهم شعرائه الشريف العقيلى شاعر الخمر والطبيعة، وشعره زاخر بالتشبيهات والاستعارات والجناس والطباق والمشاكلة، ويتصنع فى قلة لاستظهار بعض المصطلحات العلمية، ولكن


(١) نفحة الريحانة ٤/ ٥١٩ والكنانة: جعبة السهام أشار بها إلى سهام العيون. والعوالى: الرماح وتشبه بها قدود النساء فى الاستواء والاعتدال.
(٢) تاريخ الجبرتى ١/ ١٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>