للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى يستلّ الغضب من نفس المتوكل. وقد بلغ منه مبلغا خطيرا، حتى أوشك أن يقضى عليه قضاء مبرما. وهى قدرة نفسية كانت تمتزج بقدرته البيانية.

بكر (١) بن عبد العزيز بن أبى دلف

حفيد أبى دلف القاسم بن عيسى العجلى الشيبانى البطل المغوار الذى أبلى بلاء عظيما فى حروب بابك لعهد المأمون والمعتصم، وكان هرون الرشيد ولاّه-وهو حدث السنّ-أعمال الجبل فى إيران، ولم يزل عليها إلى أن توفّى سنة خمس وعشرين ومائتين. وكان أديبا شاعرا وله مقطوعات تتردّد فى كتب الأدب، وهو ممدوح أبى تمام وعلى بن جبلة الذى قال فيه:

إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره

فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدنيا على أثره

وقد تولّى إقليم الجبل ابنه عبد (٢) العزيز وكان شاعرا، وشجاعا باسلا، وعزله عنه المعتز وولى عليه موسى بن بغا، فثارت ثائرة عبد العزيز وفرّ إلى قلعة له ولعشيرته فى الكرج بين همذان وأصفهان، وظل ينازل الدولة العباسية. ونراه فى سنة ٢٥٤ يجبى همذان. ويخلفه ابنه أحمد، فيتولى زعامة أسرته ويمدّ سلطانه إلى أصبهان ويتوفى سنة ٢٨٠ فيتنازع الرياسة بعده أخواه عمر وبكر، ويتمّ لعمر القيام بالأمر، ولا يرسل إليه الخليفة المعتضد بالولاية، حتى لا يثور بكر، غير أنه عاد فولّى فى سنة ٢٨٣ عيسى النّوشرى على أصبهان، وغضب بكر ومن كانوا ينضوون تحت لوائه من الأعراب، فولّى وجهه معهم نحو الأهواز، وخرج فى طلبه القائد التركى وصيف حتى بلغ حدود فارس. ولحقه، ولكنه لم يحاول أن يبادره بالحرب، وباتا كلّ واحد منهما قريب من صاحبه، وارتحل بكر ليلا ولم يتبعه وصيف، وعاد بكر إلى أصبهان ورجع وصيف إلى بغداد. وكتب المعتضد إلى بدر غلامه المعروف باسم بدر المعتضدى يأمره بطلب بكر بن عبد العزيز وعربه.

وكان بكر شاعرا انحدر إليه الشعر من أبيه وجده، وله ديوان صغير نشر فى


(١) انظر فى بكر وأشعاره ديوانه وتاريخ الطبرى ١٠/ ٤٧، ٥١، ٦٣
(٢) انظر فى عبد العزيز وولايته على الجبل الطبرى ٩/ ٣٧٢، ٣٧٣، ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>