للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس الهجرى، ومثلها فاطمة بنت أبى على الدقاق شيخ القشيرى فى التصوف، وعنها أخذ الحديث بنيسابور كثيرون (١). ومن محدّثات القرن الخامس أيضا كريمة (٢) بنت محمد، وشهدة (٣) بنت أحمد. وهن جميعا أدلة على ازدهار الحركة العلمية بإيران. ومن تتمة هذه الأدلة أن نجد العلماء منذ أوائل هذا العصر يحاولون فهرسة كتب المكتبة العربية، موزعين الكتب على علومها المختلفة، على نحو ما هو معروف عن فهرست ابن النديم، وربما كان أهم من ذلك أن نجد معاصره الخوارزمى أبا عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف يؤلف كتابا موسوعيا هو «مفاتيح العلوم» ويهديه إلى أبى الحسن العتبى وزير الأمير نوح السامانى الثانى (٣٦٦ - ٣٨٧ هـ‍.) وكان يعيش فى رعايته بنيسابور. والكتاب يشتمل على المصطلحات الفنية للعلوم وتفسيرها وتوضيح دلالاتها، وهو مقالتان: المقالة الأولى فى علوم الشريعة وما يتصل بها، والمقالة الثانية فى الفلسفة وعلوم الأوائل.

[٢ - علوم الأوائل: تفلسف ومشاركة]

تحدثنا فى كتابى العصر العباسى: الأول والثانى عن ترجمة علوم الهند والفرس واليونان، وكيف أنها شملت ما لدى الفرس والهند من مصنفات فى الفلك والرياضيات وما لدى اليونان من مؤلفات فى الرياضيات والطبيعيات. وسرعان ما شارك العرب فى كل ما ترجموه، سواء فى النظريات الفلكية أو فى العلوم الطبيعية، وقد سارعوا فى نقل كتاب المجسطى لبطليموس الإسكندرى وهو فى الفلك والجغرافية ونقل كتاب الأصول لأقليدس فى الهندسة وكتب أرسطو فى علمى الحيوان والطبيعة وفى المنطق وكتب جالينوس وبقراط فى الطب، وترجموا أيضا لأفلاطون وغير أفلاطون كتبا مختلفة. وقد ذكرنا فى كتابى العصر العباسى أسماء المترجمين والنقلة من اللغات المختلفة وأشهر ما نقلوه وترجموه، وعرضنا ذلك كله عرضا مستفيضا. وأوضحنا مساهمة العرب مساهمة حية خصبة فى جميع الميادين العلمية، بحيث ظهر من بينهم أفذاذ فى الرياضيات دوّت شهرتهم فيما بعد فى عالم الغرب مثل محمد بن موسى الخوارزمى الذى يفتتح سلسلة الرياضيين العظام بين العرب، ومثل جابر بن حيان الكيميائى المشهور، ومثل محمد بن زكريا الرازى ذائع الصيت فى عالم


(١) السبكى ٥/ ١١.
(٢) السبكى ٥/ ٩٥.
(٣) السبكى ٦/ ٧١، ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>