للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسعيد شويهة ... سلّها الضّرّ والعجف

قد تغنّت وأبصرت ... رجلا حاملا علف

بأبى من بكفّه ... برء ما بى من الدّنف

فأتاها مطمّعا ... وأتته لتعتلف

فتولى فأقبلت ... تتغنى من الأسف

ليته لم يكن وقف ... عذّب القلب وانصرف

فهى ليست شاة بل شويهة مصغرة من الضنا والهزال الذى أصابها لطول تعلقها بالعلف، ولا تجده ولا تراه، حتى إذا رأت يوما رجلا يحمل علفا توسلت إليه وتضرعت أن يبرئها من سقمها، وأطمعها الرجل، ولكنه سرعان ما تولى عنها تاركا لها الحسرة واللوعة، وهى تتمنى لو أنه يقف، فقد آلم قلبها وانصرف.

ومن الموضوعات التى تندروا بها كثيرا فى العصر وصف الثقلاء والأكلة وموائد البخلاء وما عليها من قلة الطعام، ولابن الرومى فى ذلك كله أشعار كثيرة، وقد أشرنا فيما أسلفنا إلى ابتكاره فى الهجاء لونا جديدا من التصوير الهزلى وقد تعقب فيه أصحاب العيوب الخلقية من مثل جاحظ العينين والأحدب وأصحاب اللحى الطويلة، فعرضهم عرضا هزليّا مضحكا فى كل رسومه وصوره.

[٥ - نمو الشعر التعليمى]

عرفنا فى كتاب العلوم؟ ؟ ؟ العباسى الأول أن الشعراء استحدثوا فيه فن الشعر التعليمى وأن أبرع من استخدمه أبان بن عبد الحميد، فقد نظم فيه كليلة ودمنة فى نحو أربعة عشر ألف بيت، والأحكام الفقهية المتعلقة ببابى الصوم والزكاة، وسيرتى أردشير وأنوشروان كما نظم قصيدة فى مبدأ الخلق ضمنها شيئا من المنطق. وظل هذا الفن قائما بعد أبان، كما ظل ينمو عند بعض الشعراء، وفى مقدمتهم على بن الجهم وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>