للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيوانات فى مسلخ خاص ويفحصها المحتسب ويصنع لسعرها نشرة يباع اللحم بموجبها. وبعد الجزارين سوق الأقمشة الصوفية الغليظة ولها مائة دكان، فشاحذو الأسلحة من سيوف وخناجر. فصياد والأسماك من نهر فاس ونهر سبو القريب منها، وهى ممتازة، فصناع أقفاص الدجاج ولا تترك طليقة بل تحبس فى أقفاص حرصا على النظافة، فباعة الصابون فباعة الدقيق فباعة القش فباعة خيوط الكتان، ولصناعة الدلاء الجلدية أربعة عشر دكانا، فصناع التروس والمجنّات، فصناع سروج الخيل واللجامات، فالحدادون الذين يعدون كسوة الخيل فصناع السروج. وبجانب هذه السوق سوق أخرى للتجار فى مدينة صغيرة بها اثنا عشر بابا وهى خمسة عشر حيّا، حيّان للإسكافيين أو الحذائين، وحيان لتجار الأقمشة الحريرية وحىّ لباعة النطاقات النسائية، وحيان لباعة الأقمشة الصوفية، وثلاثة أحياء للخياطين وحيان لباعة الأقمشة الكتانية والأقمشة النسائية، وحى لما يوضع على حواشى البرانس وأزرارها المضفورة من زخرفة وزينة. وإلى الشمال سوق العطارين والصيادلة وبه نحو مائة وخمسين دكانا، ودكاكين العطارين غاية فى الزينة، ويقول الحسن الوزان: لا أعتقد أن فى العالم كله سوق عطارين تماثل هذه السوق. وإلى جانبها دكاكين باعة الإبر ولهم خمسون دكانا ثم دكاكين الطحّانين والصبّانين فباعة الأقمشة القطنية، فباعة الطيور الصالحة للأكل والعصافير المغرّدة فباعة القباقيب التى تلبس حين تكون الطرق موحلة، فصناع السهام، فخمسون دكانا لباعة المكانس، فباعة صوف الخراف، فصناع القفاف وقيود الخيل، فصناع النحاس ودكاكينهم، فباعة المكاييل وآلات الحلج والبرادة، وباعة المحاريث والدواليب وعرائش العربات، فسوق الصباغين. وهذا كله لخصته من وصف الحسن الوزان لسوق فاس بكتابه وصف إفريقيا لأدل على ما كان بالمغرب الأقصى من سلع لا تكاد تحصى وفرّتها له أرضه الطيبة، مما أتاح له فى التجارة من قديم نشاطا تجاريا واسعا داخليا وخارجيّا.

٣ -

الثراء-الرّفة-الموسيقى-المرأة

[(أ) الثراء]

كان المغرب الأقصى كثير الخيرات والطيبات من الرزق، فكثر فيه الأثرياء من الأفراد والأقاليم، وأما الأفراد فنستطيع أن نمثل لهم بمثالين ذكرهما الحسن الوزان، أولهما وجيه رآه فى مدينة تاكوليت بإقليم حاحة كانت منزلته كمنزلة رئيس وزارة، وكان يملك موارد ضخمة، وكان ينفقها على الناس ليكسب ودهم ويظل أثيرا لديهم، وكان كريما ينفق الكثير-كما يقول الوزان-من الصدقات، ويساعد أهل بلدته بماله لقضاء حاجاتهم، ولم يكن فى بلدته إنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>