لعل أقدم من حاول تقسيم الشعر العربى جاهليّا وغير جاهلى إلى موضوعات ألّف فيها ديوانا هو أبو تمام المتوفى حوالى سنة ٢٣٢ للهجرة، فقد نظمه فى عشرة موضوعات، هى الحماسة، والمراثى، والأدب، والنسيب، والهجاء، والأضياف ومعهم المديح، والصفات، والسير، والنعاس، والملح، ومذمة النساء. وهى موضوعات يتداخل بعضها فى بعض فالحديث عن الأضياف إما أن يدخل فى المديح أو فى الحماسة والفخر، والسير والنعاس يدخلان فى الصفات، كما تدخل مذمة النساء فى الهجاء، أما الملح فغير واضحة الدلالة. وجاء فى باب الأدب بما يدل على أنه يقصد به المعنى التهذيبى، غير أنه أنشد فيه أبياتا فى وصف الخمر، وأغفل إغفالا تامّا باب العتاب والاعتذار.
ووزّع قدامة فى كتابه نقد الشعر هذا الفن على ستة موضوعات، هى المديح والهجاء والنسيب والمراثى والوصف والتشبيه وحاول بعقله المنطقى أن يرد الشعر إلى بابين أو موضوعين هما المدح والهجاء. فالنسيب مديح وكذلك المراثى، ومضى يعين المعانى التى يدور حولها المديح، وهى فى رأيه الفضائل النفسية. ونجد نفس المحاولة فى تضييق موضوعات الشعر واضحة فى كتاب نقد النثر، فهو مديح وهجاء وحكمة ولهو، ويدخل فى المديح المراثى والافتخار والشكر واللطف فى المسألة ويدخل فى الهجاء الذم والعتاب والاستبطاء والتأنيب. كما يدخل فى الحكمة الأمثال والزهد والمواعظ، أما اللهو فيدخل فيه الغزل والطّرد وصنعة الخمر والمجون.
وجعل ابن رشيق موضوعات الشعر فى كتابه العمدة تسعة، وهى النسيب، والمديح، والافتخار، والرثاء، والاقتضاء والاستنجاز، والعتاب، والوعيد والإنذار، والهجاء، والاعتذار. ومن السهل أن يردّ موضوع الاقتضاء والاستنجاز إلى المديح، والوعيد والإنذار إلى الهجاء، وأن يضم العتاب إلى الاعتذار، وأيضا فإنه نسى موضوع الوصف. ويقول أبو هلال العسكرى: «وإنما كانت أقسام الشعر فى الجاهلية خمسة: المديح والهجاء والوصف والتشبيه والمراثى، حتى زاد النابغة فيها قسما