نفسه، وأمر أن تكتب المصاحف من مصحفه وأن يحملها القرّاء إلى الأمصار، ويقرئوا الناس على حرفها، وأرسل بالمصاحف إلى مكة والكوفة والبصرة ودمشق وغيرها من الأمصار الإسلامية، وأمر بحرق ما سواها، فأطاعته الأمة لما تعلم فى صنيعه من الرشد والهداية. ومضى القرّاء فى العالم الإسلامى يقرئون الناس القرآن على حرف هذا المصحف الإمام، غير أن فروقا حدثت بينهم فى القراءة داخل ذلك الحرف، وهى المعروفة بالقراءات، وقد وقع إجماع المسلمين على سبع منها، وهى قراءات ابن عامر وابن كثير وعاصم وأبى عمرو بن العلاء وحمزة ونافع والكسائى.
وواضح مما قدّمنا أن القرآن الكريم أحيط بسياج متين من المحافظة على نصّه محافظة بالغة، إذ كانت آياته تكتب فور نزولها، وكان الصحابة يكتبونها ويحفظونها ويتلونها فى صلواتهم وعباداتهم مرارا ليلا ونهارا، وسرعان ما جمعه أبو بكر فى مصحف واحد، وأتبعه عثمان بمصحفه، وبعث بنسخ منه إلى مختلف الأمصار الإسلامية.
[٢ - سور القرآن وتفسيره فى العهد الأول]
عدد سور القرآن أربع عشرة ومائة تختلف طولا وقصرا، وتتضمن السورة طائفة من الآيات، وهى تبلغ عدا البسملة أربع عشرة ومائتين وستة آلاف.
وقد قسّمت تسهيلا لتلاوته إلى ثلاثين جزءا، وكل جزء ينقسم إلى حزبين، وكل حزب ينقسم إلى أربعة أرباع. وهى أقسام لتيسير التلاوة والحفظ.
وقد نزلت كثرة السور بمكة، ومن ثم كانت السور إما مكية وإما مدنية نسبة إلى المدينة، ومعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل بمكة داعيا للدين الحنيف ثلاثة عشر عاما انتقل بعدها إلى المدينة حيث ظل بها عشر سنوات إلى أن لبّى نداء ربه. على أن بعض السور تمتزج فيها آيات مكية بأخرى مدنية،