كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف

٢ - شعراء المديح - ابن الخياط - ج: 9 - ص: 376

روجار الثانى حين استدعاه وتأليفه له-أو إهدائه إليه-كتابه المشهور فى الجغرافيا الذى مر حديثنا عنه ووضعه له خريطة العالم. ونتوقف قليلا للحديث عن ابن الخياط شاعر المديح فى زمن الكلبيين.

ابن (١) الخياط

شاعر من شعراء الكلبيين فى عهدهم الأخير، ولا نعرف شيئا عن نشأته كأكثر شعراء صقلية الإسلامية، ونراه يمدح من أمرائهم الأكحل الملقب بمؤيد الدولة (٤١٠ - ٤٢٧ هـ‍) كما يمدح أخاه صمصام الدولة (٤٢٧ - ٤٣١ هـ‍) وفى مدحهما معا يقول:

كلاهما زين أخوه به ... كما يزين الفرقد الفرقد (٢)

من تره منفردا منهما ... فى مجلس قلت هو السّيّد

فهما فرقدان أو كوكبان لا يتميز أحدهما عن صاحبه وكل منهما عليه سيماء السيادة والشرف، وتراه حين شغبت صقلية على الأكحل فى سنة ٤٢٧ يعزيه عن شغبهم بمثل قوله:

أرى كلّ شئ له دولة ... لحكم التعاقب فيها عمل

فلا تفرحنّ ولا تحزننّ ... لشئ إذا ما تناهى انتقل

فالدول لا تظل لأحد، بل تتعاقب كما يتعاقب الليل والنهار والحاكم العاقل لا يحزن إن عبس له القدر، كما لا يفرح له حين يبتسم، إذ لا شئ من عبوسه ولا من ابتسامه باق، بل الكل إلى زوال. ونراه يتعلق بمديح قائد من قواد الدولة كانت لقبته بلقب انتصار الدولة، ويصور شجاعته وبأسه فى الحروب منشدا:

ويا رب يوم له مسعر ... إذا خمدت ناره أوقدا (٣)

تخاف به الرّجل من أختها ... ولا تأمن اليد فيه اليدا

ترى السّيف عريان من غمده ... وتحسبه من دم مغمدا

فهو مسعر حرب بوقدها كلما خمدت أو خبت، ويكاد الخوف والفزع يخنقان محاربيه حتى لتتخوف الرجل من أختها واليد من شقيقتها لما يأخذ الناس من الهول، وترى السيف فتخاله

---

(١) انظر فى أشعار ابن الخياط شرح صديقه التجيبى القيروانى للمختار من شعر بشار، وراجع ترجمة إحسان عباس له فى كتابه: العرب فى صقلية ص ٢٠٧.
(٢) الفرقد: نجم قريب من القطب الشمالى.
(٣) مسعر: موقد.