كقصائد «الشعر الفصيح» كانت تسمى بالقصائد الزجلية، ثم نوعوا فيها الأوزان والقوافى على شاكلة الموشح. وهو يقوم فى ضبط أوزان الأشعار العامية مقام ابن سناء الملك المصرى فى ضبطه للموشحات بكتابه المعروف «دار الطراز». وتعرض صفى الدين الحلى لبعض أشعار ابن سناء الملك بنقد لغوى ذاهبا إلى أنه لما قلد الأندلسيين فى موشحاته وجعل خرجاتها عامية كثر فى نظمه استخدام اللفظ العامى، ويضرب لذلك بعض الأمثلة-فى رأيه-من شعره. وقد صحح هذه الأمثلة وردّها الصفدى فى شرحه للامية العجم الذى سماه «الغيث الذى انسجم فى شرح لامية العجم». ولا نعود نسمع عن كتاب مهم فى النقد بالعراق بعد كتاب العاطل الحالى، فقد انصرف الباحثون إلى الدراسات البلاغية بين شروح وتلخيصات كثيرة.
[٤ - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام]
مرّ بنا فى كتاب العصر العباسى الثانى نشاط العراق فى روايته لقراءات الذكر الحكيم وكيف أن ابن مجاهد استخلص منها سبعا، هى قراءات الأئمة: نافع فى المدينة وعبد الله ابن كثير فى مكة وعاصم وحمزة والكسائى فى الكوفة وأبى عمرو بن العلاء فى البصرة وعبد الله بن عامر فى دمشق، وشاعت فى العالم الإسلامى إلى اليوم مدوّنة بكتابه السبعة الذى مضى العلماء منذ عصره يتدارسونه (١) وألّف كتابا ثانيا فى شواذ القراءات عنى بالتعليق عليه ابن جنى مسميا تعليقه المحتسب، وهو محقق ومنشور بالقاهرة. وذهب كثيرون بعد ابن مجاهد إلى أنه لا تقل عن القراءات السبع التى دوّنها بكتابه قراءة أبى جعفر يزيد ابن القعقاع شيخ نافع المتوفى سنة ١٣٠ للهجرة ويعقوب بن إسحق الحضرمى البصرى المتوفى سنة ٢٠٥ وخلف بن هشام البغدادى المتوفى سنة ٢٢٩. وبضم هذه القراءات إلى قراءات ابن مجاهد تصبح القراءات عشرا وتؤلف فيها الكتب. ويضم إليها كثيرون أربع قراءات هى قراءة ابن محيصن المكى معاصر ابن كثير وقراءة الأعمش الكوفى وقراءة اليزيدى البصرى تلميذ أبى عمرو بن العلاء وقراءة الحسن البصرى. وبذلك تصبح القراءات أربع عشرة. وتنشط العراق فى التأليف فيها، تارة يؤلف العلماء فى السبع وتارة يؤلفون فى العشر أو فى الأربع عشرة. فمن ذلك كتاب الجامع فى القراءات العشر لعلى بن محمد الخياط المتوفى سنة ٤٠٥ وكتاب الروضة للحسن البغدادى فى إحدى عشرة قراءة وقد توفى