للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمل المرجو فى الشدائد والكوارث كلها، وإنك الغيث المدرار الذى يجزل العطاء لمسترفده وطالب البر منه. ويقول له إن من قصد بيتك تنيله ما طلب مهما كان جسيما، وأنت مصدر السعادة البشرية فليس غريبا أن من يقصدك يسعد فى الدنيا والآخرة. وتتكاثر المدائح النبوية والتوسلات بالرسول صلّى الله عليه وسلم فى العصر العلوى. ومن أجمل التوسلات توسل أنشده الأستاذ ابن تاويت للشاعر محمد البوعصامى، وفيه يقول (١):

سحّى بدمع كالعقيق محاجرى ... شوقا لطيبة والعقيق وحاجر (٢)

تلك المعاهد حين أظهر دينه ... ربّ البريّة بالرسول الطاهر

سرّ الوجود محمد خير الورى ... والمنتقى من كل أصل طاهر

من قد تجلّت طيبة الزّهرا به ... وزهت ففاقت كلّ روض زاهر

وسمت على الفردوس حقّا واكتست ... حلل السّنا من شأنه المتواتر

وتواضعت لمعالم الهادى بها ال‍ ... آفاق كالفلك المحيط الدائر

وهو يقول لعينيه اذرفا دمعا أحمر كالعقيق شوقا لطيبة ومنازلها مثل العقيق وحاجر التى كانت قائمة حين بعثه الله برسالته الكبرى، وإنه لسر الوجود خير الورى المختار من كل أصل شريف طاهر، وقد تجلّت به طيبة: المدينة وسبقت جميع المدن، وزهت حتى فاقت كل روض ناضر، وحقّ لها، بل لقد سمت على الفردوس، واكتست حلل الشرف بفضائله المتواترة، وتواضعت لها الآفاق كالفلك المحيط بقطب الدائرة. وحرى بنا أن نتوقف قليلا لنترجم لميمون بن خبازة ومالك بن المرحل.

ميمون (٣) بن خبازة

هو ميمون بن على الصنهاجى الفاسى الساكن بأخرة فى مراكش، ويسمى ابن خبازة نسبة إلى خاله الشاعر المشهور بابن خبازة لملازمته إياه. من شعراء عصر الموحدين، ويقول ابن عبد الملك المراكشى فى كتابه «الذيل والتكملة»: كان أديبا شاعرا مفلقا من أكبر أعاجيب الدهر فى سرعة البديهة، ناظما أو ناثرا، مع الإجادة التى لا يجارى فيها والتفنن فى أساليب الكلام معربه وهزله. . ذا مشاركة حسنة فى علم الكلام وأصول الفقه، وتنسك وتصوف وقتا، ووعظ. . وعارض ابن الجوزى فى بعض فصوله فأجاد». وعبر إلى الأندلس وظل فى رعاية والى إشبيلية أبى العلاء بن المنصور زمنا، وله فيه مدائح كثيرة وله فى غيره مدائح مختلفة


(١) الوافى ٣/ ٨٢٣.
(٢) طيبة: المدينة. العقيق: موضع فى المدينة. والحاجر: منزل فى طريق مكة.
(٣) انظر فى ترجمة ابن خبازة وشعره كتاب الذيل والتكملة ٨/ ٢/٣٨٨ وما بعدها وأزهار الرياض ٢/ ٣٧٨ وتحفة القادم ١٥٤ ودرة الحجال رقم ٣٧٢ والنبوغ المغربى ١/ ١٨٠، ٣/ ٢٠٢ والوافى ١/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>