للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونراه يضمّنها نظرات فى الحياة وفى الناس وأخلاقهم، وهو يقترب فى ذلك من ذوق المتنبى فى مدائحه كما نرى فى مثل قوله:

والعيش لا عيش إلا ما تقرّ به ... عين، ولا حال إلا سوف تنتقل

والناس من يلق خيرا قائلون له ... ما يشتهى ولأمّ المخطئ الهبل

قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل

ويشيد فى القصيدة بقريش ونصرتها للرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيتها لدعائم الدين الحنيف مما يدل أكبر الدلالة على أن الله أتمّ عليه نعمة الإسلام، يقول:

قوم هم ثبّتوا الإسلام وامتنعوا ... قوم الرسول الذى ما بعده رسل

وممن أشاد بهم ونوّه بذكرهم أسماء بن خارجة الفزارى، وله فيه أمداح رائعة على شاكلة قوله:

إذا مات ابن خارجة بن حصن ... فلا هطلت على الأرض السماء

ولا رجع البريد بغنم خير ... ولا حملت على الطّهر النّساء

ومن أهم ما يميزه فى شعره صفاء موسيقاه وحلاوة ألفاظه وعذوبة أنغامه وتمكن قوافيه وجودة مطالعه والمظنون أنه توفّى فى أوائل القرن الثانى للهجرة.

كعب (١) بن معدان الأشقرى الأزدى

من شعراء خراسان الذين برعوا فى المديح، وهو فارس شجاع له آثار فى حروب المهلّب للأزارقة فى فارس وللترك فى خراسان. وله فى المهلّب ووصف حروبه قصائد كثيرة، منها قصيدة طويلة فى حروبه للأزارقة تشبه أن تكون ملحمة، وقد روى منها أبو الفرج أطرافا، وروى منها الطبرى ثلاثة وثمانين بيتا (٢) وهو فى شعره يحسن حوك اللفظ والمعنى جميعا على شاكلة قوله يمدح المهلب وأبناءه:


(١) انظر فى ترجمة كعب الأغانى (طبع دار الكتب) ١٤/ ٢٨٣ وما بعدها والشعر والشعراء ١/ ٣٩٧ وما بعدها ومعجم المرزبانى ص ٢٣٦ وراجع الجزء الخامس من الطبرى فى مواضع متفرقة.
(٢) طبرى ٥/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>