للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

براك الله حين براك بحرا ... وفجّر منك أنهارا غزارا (١)

بنوك السابقون إلى المعالى ... إذا ما أعظم الناس الخطارا (٢)

كأنهم نجوم حول بدر ... درارىّ تكمّل فاستدارا (٣)

ملوك ينزلون بكل ثغر ... إذا ما الهام يوم الرّوع طارا (٤)

رزان فى الأمور ترى عليهم ... من الشّيخ الشّمائل والنّجارا (٥)

نجوم يهتدى بهم إذا ما ... أخو الظّلماء فى الغمرات جارا

وتوفّى المهلب، فلزم ابنه يزيد يمدحه ويصف حروبه مع الترك وبرّه ونائله الجزل، ومن بديع ما قاله فيه:

يداك إحداهما تسقى العدوّ بها ... سمّا وأخرى نداها لم يزل ديما

ولما عزل يزيد عن خراسان لعهد الحجاج ووليها قتيبة بن مسلم الباهلى وانتصر على الترك انتصاراته الرائعة مضى يشيد به وبانتصاراته بمثل قوله (٦):

دوّخ السّغد بالكتائب حتى ... ترك السّغد بالعراء قعودا

فوليد يبكى لفقد أبيه ... وأب موجع يبكّى الوليدا

وجرّه ذلك إلى التخلص من عصبيته لقبيلته وصاحبها يزيد بن المهلب، ويقال إنه نال منه وثلبه. وكان قبل هذه الفترة من حياته يستشعر عصبية حادة للأزد، وهى عصبية جعلته يتهاجى هجاء مريرا مع شعراء قبيلة عبد القيس وعلى رأسهم زياد الأعجم، كما تهاجى مع شعراء ربيعة. وكان موقفه مع قتيبة سببا فى غضب يزيد بن المهلب عليه غضبا شديدا، فلما ولى العراق وخراسان لعهد سليمان بن عبد الملك طلبه، فهرب إلى عمان، وظلّ بها إلى أن ثار يزيد على الأمويين سنة ١٠٢ فأتبعه من قتله.


(١) براك: خلقك.
(٢) الخطار: المراهنة.
(٣) نجوم درارى: مضيئة.
(٤) الهام: الرءوس، يوم الروع: يوم الحرب والخوف.
(٥) رزان: جمع رزين. ويريد بالشيخ المهلب. الشمائل: الطباع. النجار: الأصل والحسب.
(٦) طبرى ٥/ ٢٥٥ والسغد: جنس من الترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>