للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيشبهنا فى العالمين قبيل ... ونيل علانا ما إليه سبيل

أرى العزّ لا يأوى سوى بيت مجدنا ... ولا فى حمانا يستذلّ ذليل

وإن نحن سرنا فى كماة جيوشنا ... فللخيل وقع فى الثّرى وصهيل

تكاد جبال الأرض من عظم بأسنا ... تذوب على سطح الثّرى وتميل

وهو يرفع نفسه وأسرته فوق العالمين، فلم ينل أحد ما نالوا من العلاء والمجد والعز، حتى إن أحدا فى حماهم لا يمكن أن يصيبه أى أذى أو أى ذل. ثم يتحدث عن شجاعته وشجاعة جيوشه وكيف إذا سارت هزت الأرض خيولهم وزلزلتها زلزالا، بل إن الجبال لتكاد تميل أمام بأسهم وتذوب ذوبانا. وهو فخر لا يستغرب ممن دحر جيوش ابن عمه واسترد حكم أبيه لأسرته سنة ١١٦٩ للهجرة ولم يتمتع بنصره وحكمه طويلا فقد توفى بعد ثلاث سنين سنة ١١٧٢ هـ‍/١٧٥٩ م.

[٥ - شعراء الغزل]

لا يكاد شاعر ينظم الشعر إلا وينظم فى الغزل بعض أبيات له مصورا فيها حبه إزاء المرأة ومعبرا عن هذه العلاقة الإنسانية الخالدة. ويموج كتاب الأنموذج لابن رشيق بأشعار الغزل والحب، منها الطبيعى الذى يتدفق عن نفس صاحبه فى سهولة وطواعية، ومنها المتكلف الذى يصنعه صاحبه صناعة. وأيضا منه المستقل بقطع مفردة، ومنه الذى يوضع تمهيدا لما وراءه من مديح وغير مديح. ولن نستطيع أن نعرض ما فى الأنموذج من طرائف الغزل الكثيرة، ولكننا سنكتفى ببعض ما أنشده لكبار العلماء والشعراء، ممن أعجب بهم ابن رشيق مثل أبى عبد الله بن جعفر التميمى المعروف بالقزاز المتوفى سنة ٤١٢ وكان لا يبارى فى علوم اللغة والنحو والقراءات، ويشيد بجيد شعره وبلوغه فيه بالرفق والدعة أقصى ما يحاوله أهل القدرة على الشعر من توليد المعانى وتوكيد المبانى، ويذكر من بديع غزله (١):

أما ومحل حبّك من فؤادى ... وقدر مكانه فيه المكين

لو انبسطت لى الآمال حتى ... تصيّر لى عنانك فى يمينى

لصنتك فى مكان سواد عينى ... وخطت عليك من حذر جفونى

فأبلغ منك غايات الأمانى ... وآمن فيك آفات الظنون


(١) الأنموذج ص ٣٦٦ وإنباه الرواة ٣/ ٨٤ ومعجم الأدباء ١٧/وابن حلكان ٤/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>