للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد رأى النّوشرىّ لما التقينا ... من إذا أشرع الرماح يفرّ

جاء فى قسطل لهام فصلنا ... صولة دونها الكماة تهرّ

غرّ بدرا حلمى وفضل أناتى ... واحتمالى وذاك مما يغرّ

على أنه سرعان ما اضطرّ إلى الفرار أمام جيوش الخلافة سنة ٢٨٤ إذ التقى به النوشرى فى حدود أصفهان، فقتل رجاله واستباح عسكره. وأفلت فى نفر يسير، وغادر إقليم الجبل متجها إلى محمد بن زيد العلوى صاحب طبرستان. فأكرم وفادته عليه، وقرّبه منه، وولاه على إقليم رويان. غير أنه مات مسموما فى طريقه إليها لسنة ٢٨٥

[٤ - شعراء الوزراء والولاة والقواد]

لا نبالغ إذا قلنا إن جميع وزراء العصر وأكثر ولاته وقواده داروا على ألسنة الشعراء يمدحونهم طلبا للنوال، إذ كانت بأيديهم أموال الدولة، وكانوا ينثرونها نشرا على الدعاية لهم، ولم يكن للدعاية حينئذ لسان سوى الشعر. فالوزير وكذلك الوالى والقائد حين يطريه شاعر ويثنى عليه يطير اسمه فى الناس، ولذلك كان كثيرون يجمعون الشعراء من حولهم، لكى يعدّدوا مناقبهم، ويصوّروا كفاءتهم وأنهم من الصفوة المختارة للأمة. وكان من بينهم شعراء وأدباء يقدرون الشعر وأصحابه، ويرفعون منزلتهم عالية. وكان فى مقدمتهم لعصر المتوكل وزيره الفتح بن خاقان وكان كثيرون يكادون يقصرون أنفسهم على مديحه وما يصلهم من نواله (١)، وهو من ممدوحى البحترى كما مر بنا فى غير هذا الموضع، وكان شاعرا مرهف الذوق، وله البيت المشهور (٢):

ليس يستحسن فى شرع الهوى ... عاشق يحسن تأليف الحجج


(١) انظر مثلا ترجمة ابن أبى فنن الشاعر فى تاريخ بغداد ٤/ ٢٠٢.
(٢) معجم الشعراء ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>