للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥ - التاريخ النورمانى-أحوال المسلمين]

(أ) التاريخ (١) النورمانى

النورمان قبائل متبربرة سقطت من شمالى أوربا على شرقيها وغربيها مهاجمة ومكتسحة، وقد اكتسحت الشمال الغربى لفرنسا. واضطر ملك فرنسا إلى إقطاعهم الإقليم المشتق من اسمهم «نورمانديا» فتأقلموا فيه وانتهى عدوانهم. واتجهت جماعات منهم إلى إيطاليا واستولت على أجزائها الجنوبية، وتواتى الفرصة أحد ملوكهم المسمى روجار الأول كى يستولى على صقلية بخيانة أحد أبنائها: «ابن الثمنة»، إذ ساومه فى عونه ضد على بن نعمة على أن يفتح له أبواب مدينة مسّينى واحتلّها واتخذها قاعدة لأعماله الحربية فى الجزيرة، غير أن ابن الثمنة توفى فى العام التالى، وكان جيش روجار قليلا فلم يسارع إلى فتح مدن صقلية. واستصرخ المسلمون فى صقلية تميم بن المعز أمير المهدية فى إفريقية التونسية لينقذهم من براثن روجار والنورمان فأنجدهم بأسطول يقوده ابناه: أيوب وعلى، ونزل أيوب فى الجنوب بمدينة جرجنت ولقيه على بن نعمة لقاء حسنا، بينما نزل أخوه على فى بلرم، واستبشر الناس واستعدوا مع عسكريهما لجنود النورمان، غير أن على بن نعمة صاحب جرجنت عاد فظن الظنون بهذا الجيش الغريب، وانضمّ الأخوان إلى حربه، وسقط فى المعركة. وقامت فتنة بين أهل جرجنت والجيش الإفريقى، وكان النورمان قد جمعوا جموعهما ولقوا هذا الجيش وهزموه، واضطر أيوب وعلى أن يعودا إلى إفريقية التونسية بمن بقى من جيشها سنة ٤٦١ للهجرة، واندفع روجار والنورمان يحتلون المدن فى الجزيرة، وبدءوا بمدينة بلرم وحاصروها بحرا وبرا خمسة أشهر وأهلها يقاومون، وخنقهم الجوع، وظلوا لا يبالون به إلى أن فشا بينهم وباء، ودخلها النورمان سنة ٤٦٤ هـ‍/١٠٧٢ م ينهبون ويفتكون بشبابها الباسل ويتوزعون بينهم الصبية ليبيعوهم عبيدا، وأحال روجّار مسجدها كنيسة. وسلّمت مازر سريعا خوفا من أن يصيبها ما أصاب بلرم وتبعتها قطانية فى الشرق، غير أن بقية مدن صقلية ظلت تقاوم النورمان عشرين عاما طوالا، وكان من أشدّها


(١) انظر فى التاريخ النورمانى بصقلية بن الأثير ورحلة ابن جبير والمكتبة الصقلية لأمارى وكتابه تاريخ مسلمى صقلية المار ذكره وكتاب Edward,History of Sicily,Oxford,١٩٨١ Freeman وتاريخ ابن خلدون والعرب فى صقلية للدكتور إحسان عباس والجزء الثالث من كتاب ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية ص ٤٥٧ والمسلمون فى جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا للأستاذ أحمد توفيق المدنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>