نلتقى فى التاريخ بكتب مختلفة ومن أوائلها كتاب «أخبار الأئمة الرستميين» لابن الصغير ومعروف أنها دولة إباضية أقامها عبد الرحمن بن رستم وأبناؤه من سنة ١٦٠ للهجرة إلى سنة ٢٩٦ للهجرة، وقد ألممنا بها فى حديثنا عن تاريخ الجزائر، وكتاب ابن الصغير ينتهى حول سنة ٢٩٠ فى حكم أبى حاتم يوسف (٢٨١ - ٢٩٤ هـ). ولم يكن ابن الصغير إباضيا غير أنه يعرض أخبار الدولة وأئمتها عرضا حياديا ويصور ما كان يأخذ به أئمتها الرعية من العدل وما كانوا يحاولونه من ازدهار الأحوال الاقتصادية والفكرية، كما يصور ما حدث من مناظرات بين المذهب الإباضى ومذهب المعتزلة مما عرضنا له فى غير هذا الموضع. وكان المظنون أن يعنى بعض الجزائريين بتاريخ دولة بنى حماد فى القلعة وبجاية، فيكتب تاريخها مفصلا، غير أنه تكفل بذلك البيان المغرب لابن عذارى وتاريخ ابن خلدون وأعمال الأعلام لابن الخطيب.
أما تاريخ دولة بنى عبد الواد أو بنى زيان فى تلمسان فقد عنى بتاريخها وعرض حكّامها وأعمالهم مؤرخان: يحيى بن خلدون ومحمد بن عبد الله التنسى ويتوسط بينهما ابن قنفذ ولكن لا يكتب عن الدولة الزيانية وإنما يكتب عن الدولة الحفصية بتونس. أما يحيى بن خلدون المتوفى سنة ٧٨٠ هـ/١٣٧٩ م فيؤلف كتابا عن دولة بنى زيان باسم «بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد» حققه وقدم له وعلق عليه الدكتور عبد الحميد حاجيات، والكتاب فى القسم الأول يتحدث عن أصل قبيلة بنى عبد الواد وماضيها والبلاد التى حكموها وعاصمتهم تلمسان ويستطرد إلى ذكر علمائها وصلحائها ويترجم لمائة وتسعة منهم ثم يتحدث عن الدول التى ملكت تلمسان قبل بنى عبد الواد واستقرارهم بنواحيها. وفى القسم الثانى يترجم لمؤسس الدولة يغمراسن وخلفائه حتى استيلاء أبى الحسن المرينى على تلمسان وعودة الحكم إلى بنى عبد الواد. ويخص القسم الثالث بالحديث عن عهد أبى حمو الثانى حتى سنة ٧٧٦ هـ/١٣٧٥ م.
وكتب ابن قنفذ القسنطينى المتوفى سنة ٨٠٩ هـ/١٤٠٧ م كتابا مجملا عن الدولة الحفصية فى تونس بعنوان: الفارسية فى مبادى الدولة الحفصية. ثم يكتب محمد بن عبد الله التنسى المتوفى سنة ٨٩٩ هـ/١٤٩٩ م كتابا تاريخيا أدبيا بعنوان «نظم الدر والعقيان فى بيان شرف بنى زيان» وجعله فى خمسة أقسام كبيرة وزعها على أبواب، والقسم الأول فى سبعة أبواب قدّم فى ستة أبواب منها لتاريخهم بحديث طويل عن أسلافهم ونسبتهم إلى قريش وآل البيت وتاريخ الأدارسة فى المغرب. وهى أبواب تسبق الباب السابع الخاص بتاريخ بنى زيان ملوك
(١) انظر فى التاريخ الكتب المذكورة خلال هذا الحديث.