المغرب الأقصى أبعد أجزاء المغرب عن بلدان المشرق، فهو نهايته الواقعة على المحيط الأطلسى غربا والبحر المتوسط شمالا، وتحدّه الجزائر شرقا والصحراء الكبرى جنوبا، وسطحه فى الجملة جبلى إذ تمتد فيه سلسلتان من الجبال تتصلان جيولوجيا بجبال الألب الأوربية، وهما تمتدان فيه من الغرب إلى الشرق، وأولاهما شمالية، ويتفرغ منها فى الشمال الغربى فرع جبال الريف الذى يتخذ شكل قوس يحتضن الساحل الشمالى من مدينة سبتة جنوبى جبل طارق إلى مدينة مليلة غربى مصب نهر الملوية. ويمتد فرع محاذ له يسمى أطلس التل، بينه وبين سلسلة جبال الأطلس الصحراوى هضبة وتكثر فى هذا السطح الجبلى أنهار ونهيرات وسهول. وسلسلة الجبال فى الأطلس الصحراوى شديدة الارتفاع وتتميز بكثرة المنحدرات الوعرة، وتتفرع منها سلسلة جبال صغيرة يسميها ابن خلدون جبال درن، وكثير من جبال الأطلس الصحراوى تكسوه الغابات وتتوجه الثلوج.
ولكى نتصور المغرب الأقصى جغرافيا ينبغى أن نعرض مناطقه، وأول ما يلقانا منها فى الشمال الغربى منطقة الهبط، وتنتهى شمالا على مضيق جبل طارق وشرقا على البحر المتوسط وغربا على المحيط الأطلسى، ومن أهم مدنها سبتة وطنجة شمالا وتطوان على البحر المتوسط شرقا وأصيلا على المحيط الأطلسى غربا ومنطقة أزغار جنوبا، ويبلغ طول الهبط نحو مائة ميل وعرضها نحو ثمانين ميلا، وتكثر فيها المجارى والنهيرات المائية وأرضها خصبة جدا ووافرة الإنتاج، وسهولها وجبالها مأهولة بالسكان. ولعب سكانها دورا مهما فى الدفاع عن غرناطة وإقليمها حين ظلت قرنين ونصفا تقاوم نصارى الإسبان الشماليين، وخاصة سكان جبل ودراس البواسل، وقد ظلوا يتداولون قصصا كثيرة فى عبارات نثرية وقصائد شعرية عن
(١) انظر فى جغرافية المغرب الأقصى كتابات أبى عبيد البكرى والإدريسى (انظر جغرافية الجزائر) وجغرافية الوطن العربى للدكتور محمد محمود الصياد وصورة الأرض لابن حوقل وملامح المغرب العربى للدكتورين محمد عبد المنعم الشرقاوى ومحمد محمود الصياد وكتاب وصف إفريقيا للحسن الوزان طبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.