للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر الدكتور عبد المجيد عابدين طائفة كبيرة من السنن التى سنّها المهدى فى المجتمع السودانى، فمن ذلك إبطال الرتب والألقاب الرسمية وغير الرسمية، وأقام الحدود الشرعية على شارب الخمر والزانى والسارق، وأبطل السحر وكتابة الأحجبة والصراخ على الميت، وخفض قيمة المهر إلى عشرة ريالات وثوبين للبكر وخمسة ريالات وثوبين للثيّب، وجعل وليمة العرس طبقا من اللبن وآخر من البلح، ومنع زيارة قبور الأولياء، ووجّه الناس إلى العناية بكتاب الله والسنة النبوية.

ودان له السودان جميعه فى يناير سنة ١٨٨٥ وأعلن الإنجليز إخلاءه، وقدّر له أن يتوفى سريعا فى سن الحادية والأربعين بشهر يونية سنة ١٨٨٥ للميلاد فلم يرافق انتصاره الكبير ولا دعوته طويلا، ولم يكن لخليفته التعايشى علمه فأخذت الدعوة المهدية تضعف وقاد كتشنر حملة مصرية فى أغسطس سنة ١٨٩٧ لفتح السودان واستطاعت فتحه والقضاء على التعايشى سنة ١٨٩٨ وقام فى السودان حكم ثنائى مصرى إنجليزى، وعادت الطرق الصوفية إلى نشاطها قبل زمن المهدى بل ربما ازداد بعضها قوة، وتحول أنصار المهدى إلى طائفة دينية كبيرة تواجه الطرق الصوفية.

٢ -

الثقافة (١)

[(أ) كتاتيب-زوايا-مساجد]

عرفت السودان مبكرة الكتّاب كما عرفته الأقاليم الإسلامية المختلفة فى كل قرية ومدينة وتجمّع بدوى للمسلمين وقبائلهم التى نزلت السودان على مر العصور، فكانت الكتاتيب تبنى ملحقة بالمساجد أو منفصلة أو يتخذ مسلم داره لتحفيظ القرآن الكريم الذى يعد حفظه أو على الأقل حفظ آيات كثيرة منه فريضة على كل مسلم، ويطرد ذلك طوال الحقب الإسلامية. وعادة كان ذلك يستغرق من الصبى سبع سنوات أو تقل أو تزيد حسب قدرته على حفظ القرآن جميعه، وكان يكتب كل يوم ما يمليه عليه الشيخ أو ما يكتبه من مصحف، وبين يديه محبرة وعود رفيع مدبّب يكتب به واجبه اليومى، حتى إذا حفظه سمعه منه الشيخ، وقد يسمع منه جزءا مما حفظ من القرآن لتثبيته فى ذهنه.


(١) انظر فى الثقافة بالسودان طبقات ود ضيف الله وكتاب التربية فى السودان لعبد العزيز عبد المجيد وتاريخ الثقافة العربية فى السودان لعبد المجيد عابدين والثقافة العربية فى السودان المعاصر لمحمد فوزى مصطفى عبد الرحمن وتاريخ السودان القديم والحديث لنعوم شقير والسودان عبر القرون لمكى شبيكة ومناهج الألباب المصرية لرفاعة الطهطاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>