واضطرمت فى الأسرة منافسات وحروب أهلية إلى أن قضى المرينيون على دولة الموحدين سنة ٦٦٨ هـ/١٢٧٠ م وفقدت فى أثناء ذلك مدن الأندلس حراسها وحماتها، فبين سنة ٦٣٣ هـ/ ١٢٣٦ م وسنة ٦٤٦ هـ/١٢٤٩ م سقطت فى حجور نصارى الإسبان مدن الأندلس الكبرى: قرطبة وبلنسية ودانية وشاطبة وإشبيلية عروس الأندلس، وسقطت مرسية سنة ٦٦٤ هـ/١٢٦٦ م.
(ج) بنو (١) مرين
بنو مرين قبيلة بربرية زناتية كانت تستوطن المغرب الأوسط ودفعها العرب الهلاليون غربا فاستقرت فى حوض ملوية حتى منابعه وحوض نهر زيز شمالى سجلماسة، وكانوا موالين للموحدين وأسهمت منهم طائفة كبيرة بقيادة أميرها «محيو» فى موقعة الأرك المشهورة، وقدّمه المنصور الموحدى على جميع المتطوعين من زناتة للاشتراك فى المعركة، وأصابته فى الموقعة جراحة مات منها شهيدا. وخلفه على الإمارة فى قومه المرينيين ابنه عبد الحق، وكان يطمح أن تصبح لقبيلته دولة مثل دولة لمتونة الصنهاجية أو دولة المرابطين ودولة هرغة المصمودية: دولة الموحدين. ودخل بجموعه لعهد المستنصر فى وادى تازا وشرقى وادى سبو، وواقعه الموحدون سنة ٦١٣ هـ/١٢١٦ م وهزمهم، وتوفى فخلفه ابنه عثمان وأخضع بنى رياح الهلالية وتوفى فخلفه أخوه محمد ونازله الموحدون فى مكناسة فهزمهم، وتوفى سنة ٦٤٣ هـ/١٢٤٩ م وتلاه أبو يحيى بن عبد الحق أخوه، وهو المحقق لأمانى بنى مرين فى تأسيس دولة لهم بالمغرب الأقصى، إذ ناصب الموحدين العداء، واستولى منهم على مكناسة، وهى أول قاعدة ملكها بنو مرين، وقصد إلى مدينة فاس فبايعه أهلها طواعية راضين، وعادوا فنقضوا بيعتهم، وتحداه يغمراسن أمير بنى عبد الواد، والتقيا، وانتصر بنو مرين، وعاد ابن عبد الحق سريعا إلى فاس، فطلب أهلها منه الأمان وأعطوه العهود فقبل منهم وصفح عنهم، ورحل إلى سلا ونازل جيشا للموحدين وهزمه واستولى عليها، ونازل جيشا لبنى عبد الواد فى طريقه إلى درعة وهزمه، ودخل أهل درعة فى طاعته، وعاد إلى عاصمته فاس، وتوفى سنة ٦٥٨ هـ/١٢٦٠ م ويعد-بحق-المؤسس لدولة المرينيين فى المغرب الأقصى.
وولى إمارة المرينيين بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق وكان مجاهدا كبيرا يرى فرضا عليه أن يجاهد نصارى الإسبان ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبدأ جهاده لهم على رأس قوة مرينية
(١) انظر فى دولة بنى مرين روضة النسرين فى أخبار دولة بنى مرين لابن الأحمر (طبع الرباط) والذخيرة السنية فى تاريخ الدولة المرينية (نشر ابن أبى شنب) والسادس من تاريخ ابن خلدون والمسند الصحيح الحسن فى مآثر ومحاسن مولانا أبى الحسن لابن مرزوق الخطيب التلمسانى (طبع الجزائر) وزهرة الآس فى بناء مدينة فاس لأبى الحسن الجزنائى (طبع الجزائر) وروض القرطاس لابن أبى زرع والاستقصاء لأخبار دولة المغرب الأقصى للسلاوى.