للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استولى على بجاية سنة ٥٤٧، فإذا هو لا يصل إلى سنة ٥٥٥ هـ‍/١١٦٠ م؟ ؟ ؟ ؟ ى حر؟ ؟ ؟ ؟ القالمى هذه الرسالة كما يقول فى نهايتها حتى يكون قد قلّم أظفار أعراب اهلالية فى المغرب الأوسط، وانسحبت منهم عشيرة المحمدية كما انسحبت قبيلة جشم وانضمتا إلى جيشه وختط لهما منازل فى الديار المغربية. وجاءته قبائل الأثبج وزغبة معلنة طاعتها. واندمج الأعراب الذين عاشوا قرنا كاملا فى المغرب الأوسط وتونس وبعض ديار المغرب يسلبون وينهبون، اندمجوا فى البربر وأصبحوا شعبا واحدا بفضل هذه الحركة المباركة لعبد المؤمن كما يقول القالمى. ورسالته لذلك بجانب أنها وثيقة أدبية تعدّ وثيقة تاريخية فى غاية الأهمية.

[(ب)] الوهرانى (١)

هو أبو عبد الله محمد بن محرز الوهرانى، منشؤه ومرياه فى وهران الواقعة على البحر المتوسط غربى مدينة الجزائر، وكانت فيها-مثل بقية بلدان الجزائر-حركة علمية وأدبية أنتجت غير فقيه وأديب. وتفتحت موهبة الوهرانى الأدبية مبكرة، ورأى-بعد نضجه وشهرته بالأدب-أن يرحل إلى مصر لعل أدبه يروج فيها، فرحل إليها فى عهد السلطان صلاح الدين، ولقى وزيره الكاتب المشهور القاضى الفاضل ومن حوله من نبهاء الكتاب، وأحسّ أن بضاعته لا تروج عنده، فانصرف عنه وعن الكتابة الأدبية الجادة إلى الكتابة الأدبية الهزلية. وعرف القاضى الفاضل فيه قدرته على الخطابة، وكان كثير النزول بالشام مع صلاح الدين فى حروبه للصليبيين ويبدو أنه استدعاه هناك-أو لعله هو الذى رحل إليها-فعمل على تعيينه خطيبا فى جامع داريا بضواحى دمشق، وظل فى تلك الوظيفة حتى توفى سنة ٥٧٥ هـ‍/١١٨٠ م. ويقول ابن خلكان أنه لما علم قصوره عن طبقة القاضى الفاضل عدل عن طريق الجد وسلك طريق الهزل وعمل المنامات والرسائل المشهورة به والمنسوبة إليه، وهى كثيرة الوجود بأيدى الناس، وفيها دلالة على خفة روحه ورقة حاشيته وكمال ظرفه، ولو لم يكن له فيها إلا المنام الكبير لكفاه، فإنه أتى فيه بكل حلاوة، ولولا طوله لذكرته».

والمنام الذى يشيد به ابن خلكان فى نحو أربعين صفحة من القطع الكبير ضمنه رسالة يرد بها على بعض أصحابه متماجنا بما ساقه من ألقابه العلمية والأدبية ومن كلام هزلى غلبه النوم فى أثنائه، فرأى فى حلمه أن القيامة قامت وأن مناديا ينادى الناس هلموا إلى العرض على الله ويلبيه كثيرون بين قدماء ومعاصرين منهم الملوك والحكام والسلاطين والأدباء والشعراء والعلماء من العرب والعجم والفسّاق والصلحاء، وهو دائما يهذى ويهزل فى لقاء كل من يلم به أو يمر


(١) انظر ترجمة الوهرانى عند ابن خلكان ٤/ ٣٨٥ وتعريف الخلف ٢/ ٤٩٤. وحقق أعماله وطبعها فى القاهرة إبراهيم شعلان ومحمد نعش باسم: منامات الوهرانى ومقاماته ورسائله نشر دار الكاتب العربى للطباعة والنشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>