للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس

النّثر وكتّابه

[١ - الرسائل الديوانية]

ظلت مصر فى عهد ولاتها من قبل الأمويين والعباسيين لا تعرف من الدواوين سوى ديوانى الخراج والبريد، وكانت الكتابة فى الديوان الأول باليونانية إلى أن تعرب فى عهد الوليد بن عبد الملك، وعادة كان القائمون عليه وعلى ديوان البريد يجلبهم الولاة معهم من العراق (١)، وبحق يقول القلقشندى إنه «لم يصدر عنهم ما يدوّن فى الكتب وتتناقله الألسنة (٢)». ومرجع ذلك-كما لاحظ-أن الولاة لم يهتموا حينئذ باتخاذ ديوان للإنشاء. يوظّف فيه كتاب مجيدون وتصدر عنهم رسائل محبّرة.

حتى إذا ولى مصر أحمد بن طولون وأسس بها دولته الطولونية وامتد سلطانه إلى الشام وعلا شأنه أقام ديوان الإنشاء ورفع مقداره كما يقول القلقشندى (٣)، واتخذ فيه جماعة من مهرة الكتاب على رأسهم أحمد بن محمد بن مودود المعروف باسم ابن عبد كان. ويشهد اسمه بأنه فارسى الأصل، إذ الكاف فى الفارسية القديمة تدل على التصغير والألف والنون على النسبة، فعبد كان يقابلها فى العربية عبيدى. وقد ظل قائما على ديوان الإنشاء بعد وفاة ابن طولون فى عهد ابنه خماروية حتى توفى فخلفه على الديوان إسحق بن نصير الكاتب البغدادى.

وابن عبد كان يبتدئ بمصر سلسلة كتابها المشهورين، ودوّت شهرته منذ زمنه لا فى مصر وحدها بل أيضا فى العراق، إذ نجده بعد نحو قرن من الزمان يقرن إلى أبى إسحق الصابى كاتبها حينئذ. وإذا رجعنا إلى رسائله الديوانية وجدناه يعنى فيها بالسجع، وقد يتخفف منه فيستخدم


(١) انظر كتابنا «الفن ومذاهبه فى النثر العربى» (طبع دار المعارف) ص ٣٤٥ وما بعدها.
(٢) صبح الأعشى ١/ ٩٥
(٣) صبح الأعشى ١/ ٩٥ و ١١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>