للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلهى بالبيت المقدّس والمسعى ... وجمع إذا ما الخلق قد نزلوا جمعا (١)

وبالموقف المشهود-يا ربّ-فى منى ... إذا ما أسال الناس من خوفك الدّمعا

وبالمصطفى والصّحب عجّل إقالتى ... وأنجح دعائى فيك يا خير من يدعى (٢)

صدعت وأنت المستغاث جنابه ... أقل عثرتى يا مأملى واجبر الصّدعا (٣)

وهو يتوسّل إلى الله بمقدساته: ببيت القدس والمسعى بين الصفا والمروة فى الحج وبجمع أو المزدلفة مجتمع الحجاج، وبموقفهم فى منى متبتلين إلى ربهم، وبالرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه أن يتجاوز عن سيئاته وأن يقبل منه دعاءه، فقد جهر بذنوبه ولاذ بجنابه، وإنه ليستغيث به ضارعا إليه أن يقيله من عثرته ويجبر الصدع أو الشّقّ البيّن فى أعماله. وحرىّ بنا أن نتحدث عن الزاهد الكبير الإلبيرى.

أبو إسحق (٤) الإلبيرى

هو أبو إسحق إبراهيم بن مسعود بن سعد التّجيبى، من أهل حصن العقاب بالقرب من إلبيرة، ولزم فى نشأته فقيهها ومحدثها ابن أبى زمنين المتخلق بأخلاق الصالحين المتوفى سنة ٣٩٩ ويقول بعض من ترجموا له إنه كان من البكّائين الورعين الخاشعين، ويقول ابن الأبار فى التكملة إن أبا إسحق روى مصنفاته عنه مما قد يدل على أنه جلس مجلسه لإفادة الطلاب فى إلبيرة. وخرّبت سريعا فى عهد زاوى بن زيرى الذى اتخذ غرناطة دار إمارة له (٤٠٣ - ٤١٠ هـ‍) مما جعل كثرة أهلها تهاجر إلى غرناطة، وهاجر إليها أبو إسحق، غير أنا لا نعرف تاريخ هجرته إليها بالضبط، ونظن ظنا أنه ظل بها يروى لطلاب العلم كتب أستاذه ابن أبى زمنين. ونرى أبا الحسن على بن محمد بن توبة حين يتولى القضاء لباديس بن حبوس أمير غرناطة (٤٢٩ - ٤٦٧ هـ‍) يتخذ أبا إسحق كاتبا له. واصطحبه معه إلى المرية حين طلب إليه باديس حمل رسالة إلى أحمد بن عباس وزير


(١) جمع: المزدلفة.
(٢) الإقالة للشخص: العفو عنه والصفح والإعفاء.
(٣) صدعت: جهرت: الصدع: الشق والكسر.
(٤) انظر فى أبى إسحق وترجمته وشعره الحميدى فى الجذوة والضبى فى البغية ص ٢١٠ والتكملة لابن الأبار (البقية المطبوعة) ص ١٦٧ والمغرب ٢/ ١٣٢ وفهرسة ابن خير ٤١٨. وقد نشر الديوان فى مدريد غرسية غومس وأعاد نشره وتحقيقه مع كتابة مقدمة له الدكتور محمد رضوان الداية (طبع دمشق).

<<  <  ج: ص:  >  >>