للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - الإمارات العربية فى الشمال (الغساسنة-المناذرة-كندة)]

ليس بين أيدينا وثائق توضح فى دقة نشأة هذه الإمارات، التى ظهرت على صفحة التاريخ إثر قضاء الرومان على تدمر، فتاريخها قبل العصر الجاهلى أو قبل أواخر القرن الخامس الميلادى يحيط به الغموض، ويظهر أن الرومان وخلفاءهم البيزنطيين اتخذوا من الغساسنة فى الشام إمارة تحجز بينهم وبين البدو وغاراتهم وتساعدهم فى حروبهم ضد الفرس ومن كان يؤيدهم من عرب المناذرة أو الحيرة فى العراق. وبالمثل اتخذ الساسانيون ملوك الفرس من دولة المناذرة درعا تحميهم من غارات البدو وجنودا تقف فى صفوفهم فى أثناء حروبهم ضد الرومان والبيزنطيين والغساسنة. وبين الطرفين قامت إمارة كندة فى شمالى نجد، وكانت تدين بالولاء فيما يبدو لملوك اليمن الحميريين: ملوك سبأ وذى ريدان ويمنات.

والغساسنة (١) يعودون فى رأى نسّابى العرب إلى أصل يمنى، فهم من عرب الجنوب الذين نزحوا إلى الشمال مع قبائل أخرى كثيرة أهمها جذام وعاملة وكلب وقضاعة.

وقد أقاموا إمارتهم فى شرقى الأردن، ولم يتخذوا لها حاضرة بعينها فتارة تكون حاضرتهم الجولان أو الجابية، وتارة تكون جلولاء أو جلّق بالقرب من دمشق. وقد يكون فى ذلك ما يدل على أنهم ظلوا بدوا يرحلون بخيامهم وإبلهم وأنعامهم من مكان إلى مكان فى تلك الأنحاء. ويقال إنهم أول نزولهم بالشام اصطدموا بعرب يسمون الضجاعمة، تغلبوا عليهم، وأصبحوا سادة تلك المنطقة التى حلوا فيها، وقرّبهم الرومان منهم والبيزنطيون ومنحوهم ألقابا رسمية من ألقابهم.

ويزعم مؤرخو العرب أن مؤسس سلالتهم جفنة بن عمرو مزيقياء، ولذلك


(١) انظر فى الغساسنة تاريخ سنى ملوك الأرض والأنبياء لحمزة الأصفهانى، وكتاب «أمراء غسان» لنولدكه ترجمة قسطنطين زريق وبندلى جوزى، وتاريخ العرب قبل الإسلام لجواد على ٤/ ١١٨ وما بعدها ومحاضرات فى تاريخ العرب لصالح أحمد العلى ١/ ٤٤ وتاريخ سورية ولبنان وفلسطين لفيليب حتى (نشر دار الثقافة ببيروت) ١/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>