للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو القاسم عمر (١) بن الحسين بن عبد الله الخرقى المتوفى سنة ٣٣٤، وله فى الفقه الحنبلى كتاب المختصر فى الفقه، طبع فى القاهرة بشرح عبد الله بن أحمد ابن قدامة أكبر أئمة المذهب الحنبلى فى القرن السابع الهجرى.

وهيأ الاجتهاد الفقهى الواسع فى هذا العصر لظهور مذاهب فقهية وراء المذاهب الأربعة الكبرى، برز منها خاصة المذهب الظاهرى نسبة إلى أبى سليمان (٢) داود بن على بن خلف الأصبهانى الظاهرى المتوفى سنة ٢٧٠، وكان يتبع فى أول أمره مذهب الشافعى ويتعصب له، ثم أسس له مذهبا عرف بمذهب أهل الظاهر: وهو مذهب يقوم على إنكار القياس فى الدين ومسائل التشريع، لأن القياس عقلى والدين إلهى، ويكفى لبيان الأحكام ما فى القرآن والحديث من عموم. ومن أجل ذلك كان يرى الوقوف عند ظاهر الكتاب والسنة وعدم فتح الأبواب للقياس والآراء التى تنبثق عنه. وفى رأينا أن ظهور هذا المذهب يعدّ إشارة واضحة فى العصر إلى بروز نزعة محافظة قوية فى دراسات الفقه، وقد كتب له أن يذيع فى الأندلس والمغرب فيما بعد، وأن يتحمّس له فقهاء نابهون مثل ابن حزم، بل أحيانا دول مثل دولة الموحدين فى الأندلس والمغرب.

[٥ - الاعتزال وانبثاق المذهب الأشعرى]

مرّ بنا فى كتاب العصر العباسى الأول كيف نشأ الاعتزال ونما وازدهر وكثر أعلامه وأتباعه، وكيف أحالوا البصرة وبغداد إلى ساحتين كبيرتين للجدال فى المسائل العقيدية والدفاع عن الدين الحنيف وكل ما اتصل به من توحيد الله وحقائق النبوة والثواب والعقاب فى الآخرة، ولم يكونوا يوجهون دفاعهم إلى أصحاب الملل والنّحل الأخرى فحسب، بل أيضا إلى المجبرة والمرجئة والشيعة الغالية، ونازلوا الدهريين


(١) طبقات الحنابلة لابن أبى يعلى ٣٣١ والأنساب للسمعانى ١٩٥ وتاريخ بغداد ١١/ ٢٣٤ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٨٩.
(٢) انظره فى تاريخ بغداد ٨/ ٣٦٩ والسبكى ٢/ ٢٨٤ واليافعى ٢/ ١٨٤ والنجوم الزاهرة ٣/ ٤٧ وشذرات الذهب ٢/ ١٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>