للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمام الهدى الراقى إلى ذروة العلا ... إلى رتبة عنها الثوابت تقعد

وما شئت قل فيه فأنت مصدّق ... مزاياه تقضى والمحاسن تشهد

وأكثروا حينئذ من التأريخ بالشعر يؤرخون به قدوم وال أو مناسبة من المناسبات فى آخر شطر بالقصيدة إذ تحسب حروف الكلمات فيه بحساب الجمّل فتكون سنة الولاية أو سنة المناسبة، ويحسن أن نستعرض شعراء المديح النابهين على مر الحقب.

المهذب (١) بن الزبير

هو الحسن بن على الغسانى، ولد بأسوان فى أوائل القرن السادس الهجرى، وبها ثقف علوم العربية، وأوتى ملكة شعرية خصبة، فلم يلبث أن لهج بالشعر، وما نصل معه إلى سنة ٥٢٦ حتى نراه يتصل ببنى الكنز سراة بلدته، ويمدح كبيرهم بقصيدة بديعة يقول فيها:

لئن جهل المدّاح طرق مديحكم ... فإنى بها من سائر الناس أعلم

وهل لى حمد فى الذى قلت فيكم ... ونعماكم عندى التى تتكلّم

ونال على قصيدته جائزة كبيرة: ألف دينار. ودفعه طموحه الأدبى إلى النزوح عن بلده إلى القاهرة: حاضرة الفاطميين وموطن الشعراء الكبار. ونراه يمدح رضوان بن ولخشى وزير الخليفة الحافظ (٥٢٤ - ٥٤٤ هـ‍) ولعله هو الذى أنفذه فى مهمة إلى اليمن، فأكبّ على كتب النسب، وألف فيه دائرة معارف ضخمة قال ياقوت إنها تقع فى أكثر من عشرين مجلدا. ولم تصرفه عنايته بهذه الدائرة عن الشعر والمديح. وأهم وزير اتصل به بعد ابن ولخشى طلائع بن رزّيك (٥٤٩ - ٥٥٦ هـ‍). وكان يعد أكبر شاعر فى زمنه، وقد ترجم له العماد الأصبهانى ترجمة ضافية استهلها بقوله: «المهذب بن الزبير محكم الشعر كالبناء المشيد، لم يكن فى زمانه أحد أشعر منه، وله شعر كثير ومحل فى الفضل أثير». والغالب على شعر المهذب المديح.

ومن يدرس الشعر العربى يعرف أن قصيدة المديح تقوى تارة وتضعف أخرى، فهى تقوى


(١) انظر فى ترجمة المهذب وأشعاره خريدة القصر (قسم شعراء مصر-طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر) ١/ ٢٠٤ ومعجم الأدباء ٩/ ٤٧ والنكت العصرية لعمارة اليمنى ص ٣٥ والطالع السعيد الجامع لأسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد ص ١٣، ١٠٠ وابن خلكان ١/ ١٦١ فى ترجمة أخيه الرشيد وفوات الوفيات ١/ ٢٤٣ والنجوم الزاهرة ٥/ ٣١٣ وحسن المحاضرة للسيوطى ١/ ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>