للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن قزمان (١)

هو أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان، ولد حول سنة ٤٨٠ وعاش فى عصر المرابطين إلى أن توفى بعده سنة ٥٥٥ للهجرة فى صدر دولة الموحدين (٥٤٠ - ٦٤٠ هـ‍) وفى المغرب أنه من بيت عريق بقرطبة وأن أفراد أسرته لم يزالوا بين عالم ووزير ورئيس. وقد نشأ مثل أترابه فى قرطبة نشأة علمية أدبية، وهى نشأة أهلته ليكون أديبا وكاتب وثائق كما يكون شاعرا ووشاحا (٢)، أما شعره فروى له منه ابن الأبار بعض مقطوعات فى كتابه تحفة القادم، وروى له ابن سعيد مقطوعة من قصيدة فى مديح يحيى بن غانية والى غربى الأندلس من قبل على بن يوسف بن تاشفين ومقطوعة ثانية نظمها وقد رقص فى مجلس شراب، فأطفأ فيه السراج بأكمامه. ولعل فى ذلك ما يدل على أنه اتجه مبكرا للمتاع بالخمر واللهو. وأما التوشيح فقد روى له صاحب العاطل الحالى موشحة غزلية غزلا ماديّا صريحا (٣). وفى المغرب أنه «كان فى أول شأنه مشتغلا بالنظم المعرب (شعرا وتوشيحا) فرأى نفسه تقصر عن أفراد عصره كابن خفاجة وغيره، فعمد إلى طريقة لا يمازجه فيها أحد منهم، فصار إمام أهل الزجل المنظوم بكلام عامة الأندلس». وقد طارت شهرته فى الزجل لا بقرطبة وحدها، بل فى كل مدن الأندلس، وأيضا فى المغرب والمشرق، حتى لتحتفظ العصور بمخطوطة من ديوانه كتبها نسّاخ بمدينة صفد فى فلسطين قبل سنة ٦٨٣ هـ‍/١٢٣٤ م وقد نشرها المستشرق جنزبرج سنة ١٨٩٦ مصوّرة فى لوحات، وعنى فى سنة ١٩٣٣ المستشرق التشيكى «نيكل» بنشره بحروف لاتينية مع دراسة عن ابن قزمان، وصدرت هذه النشرة فى مدرسة الدراسات العربية بمدريد وغرناطة، وانتقد المستشرق كولان هذه النشرة وقال إنها مليئة بأخطاء كثيرة، ونشر الديوان من جديد المستشرق غرسية غوميس بحروف لاتينية مع ترجمة إلى الإسبانية، غير أنه أخطأ فى رأينا خطأ كبيرا حين حاول أن يطيق على أزجاله أعاريض الشعر الغربى القائمة على النبر والمقاطع كأوزان الشعر الإسبانى بحجة أن الزجل نظم على تلك الأوزان لا على الأوزان العربية، وهى حجة لا دليل


(١) انظر فى ابن قزمان المغرب ١/ ١٠٠ و ١٦٧ وما بعدها وتحفة القادم لابن الأبار فى مجلة المشرق عدد ٣ سنة ١٩٤٧ رقم ٢٥ ص ٣٧٥ والإحاطة ٢/ ٤٩٤ والعاطل الحالى لصفى الدين الحلى (انظر الفهرس) والوافى للصفدى ٤/ ٣٠٠.
(٢) راجع الزجل السابع فى الديوان.
(٣) العاطل الحالى ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>