للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما را السيوف إليه تنجرد ... صاح ويشكو وثمّ لم يرتفد (١)

ينبح الكلب إذ يرى الأسد ... والأسد لس يهزّو ذاك النّباح

ورجاعت عليه جنود ووبال ... ومال النّحس ما عو كف ما مال

لم تنجيّه وصيّة الكردنال ... ول فادت نصيحة النّصّاح

وواضح أن الزجل من وزن الخفيف. ويذكر ابن سعيد فى المغرب طائفة من الزجالين وطرائفهم الزجلية، وقد نقل كثيرين منهم عن كتاب ملح الزجالين لابن الدباغ المالقى، ومنهم زجّالو إشبيلية: أبو عمرو الزاهر وأبو بكر الحصار وأبو عبد الله بن خاطب وأبو بكر بن صارم ومنهم ابن (٢) ناجية اللورقى. وقد أضاف ابن سعيد إليهم طائفة من زجالى القرن السابع أمثال البلاّرج القرمونى ويحيى بن عبد الله بن البحبضة. وترجم لابن الدباغ (٣) المذكور آنفا وقال إنه لقيه بمالقة وإنه إمام فى الهجو على طريقة الزجل، وذكر له بعض أزجاله. ونشعر أن الزجل-مثل الموشحة-انتهى عصر ازدهاره بانتهاء عصر الموحدين لولا ما أتيح له من حيوية وروحانية بعد ذلك على لسان المتصوفة من أمثال الششترى المتوفى بدمياط سنة ٦٦٨ للهجرة. ومن الزجالين المهمين ابن عمير، وقد أنشد له صاحب العاطل من زجل قوله (٤):

يا حبيب قلبى تعطّف ... بعض هذا الهجر يكفا

فدموع عينى ما ترقا ... ولهيب قلبى ما يطفا

والزجل من وزن الرمل، ويقول ابن خلدون إنه نزل بمدينة فاس فى المغرب ونظم لهم نوعا من الشعر الملحون فى أعاريض مزدوجة فأولعوا بالنظم فيه وسموه عروض (٥) البلد. ويذكر ابن خلدون من الزجالين فى عصره ابن الخطيب (المتوفى سنة ٧٧٦ للهجرة) وكان يعاصره إمام فى الزجل هو محمد بن عبد العظيم من أهل وادى آش، وينشد له ابن خلدون قطعة من زجل عارض به زجلا لمدغليس استهله بقوله:

حلّ المجون يا أهل الشطارا ... مذ حلّت الشمس بالحمل

وجدير بنا أن نقف قليلا عند ابن قزمان إمام الزجل الأندلسى ونتحدث عن بعض أزجاله.


(١) يرتفد: يريد أنه لم يدعم بمدد من قومه.
(٢) انظر فى هؤلاء الزجالين فهرس المغرب.
(٣) المغرب ١/ ٤٣٨.
(٤) العاطل الحالى ص ٥٦.
(٥) المقدمة ص ١٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>