للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درسهم الأول بجامع الزيتونة بهذا التقليد من الخطبة الطويلة عن الكتاب الذى سيدرسونه للطلاب، وإن لم تصلنا خطبهم العلمية كما وصلتنا خطب ابن خلدون، إذ سجلها بنفسه فى ترجمته (١) عن حياته، ويقول إنه أعدّها، وهى مكتوبة بأسلوب أدبى مسجوع بليغ.

[٢ - الرسائل الديوانية]

عرفت القيروان الدواوين منذ أنشأها فيها واليها حسان بن النعمان (٧١ - ٨٥ هـ‍) إذ أقام بجانب دار الإمارة ديوانا للجند وديوانا للخراج وديوانا للرسائل على شاكلة دواوين الخلافة فى دمشق، غير أنا لا نسمع عن كاتب كبير تولى ديوان الرسائل قبل خالد بن ربيعة كاتب عبد الرحمن بن حبيب الوالى فى القيروان من قبل مروان بن محمد، ويذكر البلاذرى أنه كانت بينه وبين عبد الحميد الكاتب المشهور كاتب مروان بن محمد مودة ومكاتبة، وأنه-بفضل هذه المودة-أقرّ الخليفة عبد الرحمن بن حبيب على ولاية القيروان (٢)، ويذكر ابن النديم فى الفهرست خالدا بين الكتّاب قائلا: «خالد بن ربيعة الإفريقى مترسل بليغ نشأ فى الدواوين، وله رسائل مجموعة فى الأدب نحو مائتى ورقة (٣)».

وجميع رسائل خالد بن ربيعة سقطت من يد الزمن وسقط معها جميع الرسائل الديوانية فى القيروان إلى أن نلتقى بإبراهيم بن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبية ونراه يتبادل مع خريش الكندى أحد قواد الجند الثائر عليه بتونس سنة ١٨٦ هـ‍/٨٠٢ م رسالتين أولاهما لخريش يتهدّده فيها ويطلب منه طاعته له، ويرد عليه إبراهيم بن الأغلب برسالة يقول فيها (٤):

«من إبراهيم بن الأغلب إلى خريش رأس الضلال سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن مثلك مثل البعوضة التى قالت للنخلة وسقطت عليها: استمسكى فإنى أريد الطّيران، فقالت النخلة: ما شعرت بسقوطك فيكربنى طيرانك».

ولا نعرف هل كتب إبراهيم بن الأغلب هذه الرسالة بنفسه أو كتبها له أحد كتاب دواوينه وتعنى الدولة الأغلبية (١٨٤ - ٢٩٦ هـ‍) بكتاب دواوينها وتأخذ فى النهوض بها، وممن اشتهروا


(١) التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا (طبع القاهرة) ص ٢٨٠ وما بعدها.
(٢) فتوح البلدان للبلاذرى (طبع القاهرة) ص ٢٤٠.
(٣) الفهرست (طبع القاهرة) ص ١٧٧.
(٤) مجمل تاريخ الأدب التونسى ص ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>