للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدارس تتكاثر فى العهد العثمانى بالجزائر لا فى العاصمة: مدينة الجزائر وحدها بل أيضا فى المدن المختلفة مثل قسنطينة، وكان بها وحدها سبع مدارس. وكان يقوم على التدريس فى مدارس الجزائر جميعا علماء مهرة فى العلوم الدينية واللغوية والأدب والفلسفة والطب والمنطق، وكانت تنفق عليها الدولة أحيانا. وفى أكثر الأحيان كانت تعتمد على أوقاف حبسها ذوو اليسار عليها، وكانت تلحق بها مبان لسكنى الطلبة الغرباء وكانت تزود بكل ما يلزمهم من مطعم وملبس وأثاث وبمن يخدمهم ويوفر لهم النظافة والراحة.

[الزوايا]

أخذت تتكاثر منذ القرن الثامن الهجرى الزوايا فى أنحاء البلاد المغربية جميعها جزائر وغير جزائر، وكانت الزاوية تشتمل على مسجد تؤدّى فيه فروض الصلاة، وأبنية لسكنى الطلبة الغرباء والفقراء (الزهاد)، وكانت تحبس عليها أوقاف كثيرة ينفق منها على شيوخها الذين ينهضون فيها بدروس العلوم الدينية واللغوية وعلى طلابها الغرباء والنازلين بها من الفقراء، وكانت بذلك دار تعليم ودار عبادة، وكثيرا ما كان يدفن فيها الشيخ الصالح الذى أقامها، فينصب له ضريح فيها وتقام عليه قبة، ويقصده الناس للزيارة والتبرك به، ويعد مؤسس الزاوية المسئول الأول عنها، وترث ذريته القيام عليها، ويتبعها موظفون للقيام بالخدمات المختلفة. وكانت الزوايا بجانب أنها دور عبادة تعنى بإلقاء المحاضرات فى الموضوعات والعلوم الدينية المختلفة، فهى دور عبادة وتعليم، وتحول كثير منها-وخاصة فى المدن الجزائرية-إلى ما يشبه مدارس عالية. وكان كثير من التلامذة يقصدها من الأماكن القريبة والبعيدة، وكما كانت تعنى بتعليم الناشئة كانت تعنى بتنوير العامة، وكثرت كثرة مفرطة منذ القرن العاشر فى منطقة زواوة وبجاية وعنابة أو بونة، ويقال إنها بلغت فى مدينة الجزائر نحو ١٥ زاوية، وبلغت فى قسنطينة نحو ١٦ زاوية، أما فى تلمسان فبلغت نحو عشرين زاوية.

[المكتبات]

فى كل مسجد-من قديم-كانت الزوايا تتخذ المكتبات، وكانت تجمع إليها بجانب المصاحف وكتب الحديث النبوى أمهات الكتب فى الفقه وغير الفقه، وكانت الدولة تساعد فى شرائها ويساعد ذوو اليسار، وكثيرا ما كانت توقف أو تحبس لطلاب العلم وشيوخه، واشتهر إبراهيم الثانى الأغلبى باتخاذه فى عاصمة رقادة يقرب القيروان بيتا أو مؤسسة سماها بيت الحكمة جلب إليها أصحاب علوم الأوائل وغيرهم من العلماء وأقام بها مكتبة ضخمة تتبعها قاعات للجلوس والمطالعة. وكأنما أراد بها أن ينافس الدولة الرستمية فى تاهرت التى عنيت منذ إمامها عبد الرحمن بن رستم (١٦٠ - ١٧١ هـ‍) بإنشاء مكتبة كبيرة فى عاصمتها وتبعه خلفاؤه يعنون بها، ويذكر عن ابنه عبد الوهاب (١٧١ - ٢١١ هـ‍) أنه أرسل إلى بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>