للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو (١) القاسم بن الجد

هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن الجد الفهرى، من أسرة بنى الجد، من بيوتات لبلة غربى إشبيلية وإشبيلية نفسها، وفى كتاب المغرب ترجمات لغير فقيه وأديب من هذه الأسرة، وقد أكبّ فى نشأته على كتب الفقه والحديث والأدب، وأخذ اسمه يلمع بين أقرانه فى إشبيلية، فاختاره المعتمد بن عباد أميرها وزيرا لابنه الراضى حين ولاّه مدينة الجزيرة الخضراء فى أقصى الجنوب، وظل معه حين ولاّه مدينة رندة غربى مالقة إلى أن استنزله منها المرابطون سنة ٤٨٤ وفتكوا به. وعاد أبو القاسم إلى بلدته: لبلة فولّوه خطّة الشورى ومقاليد الفتوى، وهو مع ذلك يساجل إخوانه ويراسلهم ويخطب مودتهم، وخاصة أبا بكر بن القصيرة رئيس الديوان بمراكش منذ سنة ٤٨٧ ليوسف بن تاشفين ثم لابنه على. ويبدو أن ابن القصيرة استدعاه ليعمل معه فى هذا الديوان، ولا نعرف تاريخ هذا الاستدعاء، وأكبر الظن أنه استدعاه منذ عهد يوسف بن تاشفين حتى إذا توفى ابن القصيرة سنة ٥٠٨ أسندت إلى ابن الجد رياسة الديوان بمراكش إلى أن توفى سنة ٥١٥ للهجرة.

وقد استهل ابن بسام ترجمته بقوله: «قريع (٢) وقتنا، وواحد عصرنا، ممن استمرى (٣) أخلاف النظم والنثر، فدرّت له بالبيان أو بالسحر. . ورويدك حتى ترى الصبح كيف يسفر، وثبج (٤) البحر كيف يزخر. وهو على نباهة الذكر، وعلو القدر، وشرف المحل من فهر (٥)». وتلا ابن بسام ذلك بطائفة من رسائله، ونقرأ من بينها رسالة كتب بها إلى صديقه رئيس دواوين المرابطين: ابن القصيرة، وقد تصادف أن كان على مسافة قريبة منه، ولم يتفق لهما لقاء، وفيها يقول:

«لم أزل-أعزك الله-أستنزل قربك براحة الوهم، من ساحة النجم، وأنصب لك شرك المنى، فى خلس الكرى. وما ظنك بى وقد نزلت على مسافة يوم، وطالما نفر عن


(١) انظر فى ترجمة أبى القاسم بن الجد الذخيرة ٢/ ٢٨٥، ٣٤٧ والصلة ص ٥١٦ والمطرب ص ١٩٠ والمعجب ص ٢٣٧ والقلائد ١٠٩ والذيل والتكملة للمراكشى ٦/ ٣٢٦ والمغرب ١/ ٣٤١ والخريدة ٣/ ٣٩٣ وإحكام صنعة الكلام لابن عبد الغفور الكلاعى ص ١٨٥.
(٢) قريع: سيد.
(٣) استمرى أخلاف النظم: احتلب ضرعه.
(٤) ثبج البحر: وسطه.
(٥) فهر: قبيلة قرشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>