للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرسول صلّى الله عليه وسلم وصبابة استحالت عند ابن الصباغ تراتيل بديعة، إذ استقر حب الرسول فى قلبه واستأثر بكل ما فيه من شعور وعاطفة وهوى.

ابن (١) زاكور

هو أبو عبد الله محمد بن زاكور الفاسى، ولد حوالى منتصف القرن الحادى عشر الهجرى وتوفى سنة ١١٢٠ هـ‍/١٧٠٨ م وأكبّ على الأدب والعلوم العربية منذ نعومة أظفاره، وتفتحت شاعريته ومواهبه الأدبية مبكرة، ولم يلبث أن أصبح إمام الشعراء والكتاب فى عصره، ولم يقف بشعره عند القصيد فقد نظم كثيرا من الموشحات، ولذلك سمى ديوانه: «الروض الأريض فى بديع التوشيح ومنتقى القريض»، وله أعمال أدبية متعددة منها شرح على ديوان الحماسة سماه عنوان النفاسة، وشرح على قلائد العقيان للفتح بن خاقان باسم شرح ما خفى من القلائد وشرح على لامية العرب. ومن موشحاته موشح غزلى مطلعه:

من علّم الغزلان ... الفتك باللّيث الجرى

وسلّط العينان ... على قلوب البشر

يا ضرّة الشمس ... الله فى الصّبّ الكئيب

يا منية النّفس ... هجرك للنّفس مذيب

حدّثنى حدسى ... أنك للّبّ سليب (٢)

عارض بهذا الموشح الغزلى موشحا لابن سهل، وقد جعل مطلعه: «ليل الهوى يقظان» خرجة لموشحة، وهو فى الموشح جميعه كما فى هذا المطلع يختار اللفظ السهل الذى يعجب ويروق دون تكلف أو تصنع. ويقول متغزلا فى مطلع موشحة أخرى:

أدر الكاسات من خمر اللّعس ... يا لها من راح تحكى الجلّنار (٣)

واسقنيها خمرة تجلو النفس ... علّنى أرتاح من حرّ الأوار (٤)

بأبى ظبى رمانى بسهام ... ريشها الأهداب تبرى الأفئده (٥)

مزّق القلب الكليم المستهام ... إذ رنا وانساب سيف جرّده (٦)

عنبرىّ الخال مسكىّ الخيام ... يذهل الألباب درّ نضّده


(١) راجع فى ترجمة ابن زاكور النبوغ المغربى فى الأدب العربى ١/ ٣٢٥ وقد نشر الأستاذ عبد الله كنون منتخبا من ديوانه وانظر فيه وفى موشحاته الوافى بالأدب العربى فى المغرب الأقصى للأستاذ محمد بن تاويت ٣/ ٧٧٩ وكنون فى النبوغ المغربى ٣/ ٣٢٥ وما بعدها.
(٢) حدسى: ظنى وفراستى.
(٣) اللعس: سمرة جميلة فى باطن الشفة. الجلنار: زهر الرمان.
(٤) أوار الحب والنار: شدتهما.
(٥) تبرى: تنحت.
(٦) الكليم: الجريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>